0 301

السؤال

أنا إنسان سابقا حريص ثم نظرا لمرض أصابني والحمد الله شفيت منه أصبت بالوسواس في الطهارة أولا ثم في الصلاة، لأني أعتقد أنني باجتهادي في الطهارة والصلاة تتحقق الطهارة كاملة فسوف تقبل عباداتي من صلاه ودعاء فيزداد قربي من الله فتفرج همومي ومشاكلي. فاعتقد أني بذلك سوف أعمل في عباداتي بأكمل طهارة.
بعدها حصل موقف لي في المال بعدما خرجت من الأسهم التي أبيع واشتري فيها سبقا فعندما علمت أن بعض الشركات ربويه وتلخبطت عندي الأمور فيما يتعلق في كيفيه إخراج الزكاة وكيفية التخلص من المال الربوي وهناك أمور ماليه ثانيه صار لي فيها بعض الإشكالات
فصار عندي حذر زائد في المال عندما أشتري أو أبيع أشك هل أعطيت البائع فلوسه، وإذا أردت أن أبيع هل أخبرت المشتري بكل عيوب سلعتي أم لا. ثم أرجع له وأخبره و هذه الأمور أبلغ بها البائع عرفية. وعندما أذهب مع أصحابي لمطعم ويدفع شخص عني فلوس ألح عليه أنه لابد أن أعطيه الفلوس التي دفعها عني وألح ويضيق صدري إذا لم أعطه أو رفض أخذ ذلك المال، وعند ما أتفق مع شخص على عمل مثلا بخمسين ريال وينتهي من عمله فأقول أخشى أني ظلمته فأعطيه بدل الخمسين المتفق عليها أعطيه مائة ريال وهناك أمور كثيرة لا يسع المجال لذكرها.
فكل معاملاتي المالية أربطها ببعض ما ورد في بعض الأحاديث المال الحرام مانع لإجابة الدعاء. أيضا أربطها بخطورة الدين وأني حسب ما سمعت أن من مات وعليه دين لن يحاسب حتى يقضى عنه دينه.
وأربطها بالسرقة؟
بعدها أصبحت أدقق بزيادة في الأمور المالية. فهل هذا ورع أم وسواس؟ وإني دائما في المعاملات المالية من بيع أو شراء أو خارج دوام من العمل أحمل هما وقلقا وأسأل كثيرا في الموضوع حتى أخرج من هذه النقاط التي ذكرتها.
حتى لو أريد شراء أو بيع شيء قيمته بريال فقط وإذا سقط مني ريال وقال لي شخص خذ ريالك الذي سقط أترك هذا الريال واعتبر أنه ليس لي.
أفيدونا مشكورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوساوس شر عظيم فكن على حذر منها، فإن فتح بابها يجلب عليك من الشر ما لا قبل لك به، وانظر لكيفية التغلب على الوساوس ومعالجتها الفتوى رقم: 51601، ورقم: 134196.

 وأما ما ذكرته عن معاملاتك المالية فنحن نسأل الله أن يزيدك حرصا على الخير، ولكن اعلم أن الورع المحمود هو الذي لا يحمل صاحبه على التنطع وترك ما يتيقن حله وإباحته، فإذا بالغ العبد في ذلك حتى ضيق على نفسه وترك ما رخص الله فيه مما ليس فيه شبهة كان ذلك مذموما لما فيه من الغلو ومجافاة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأي حرج في أن تقبل هدية من أخيك حين يدفع هو حساب الطعام وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية.

 وإذا استأجرت إنسانا فاتفقت معه على أجرة رضي بها فأنت إذا وفيته أجرته دون أن تنقصه شيئا كنت محسنا وليس في ذلك ظلم ما دام قد رضي بتلك الأجرة، ولم يكن عليك أن تزيده شيئا، وإذا سقط شيء منك من المال فخذه فإنه مالك أباح الله لك الانتفاع به وليس تركك له من الورع المحمود البتة، وقد بين العلماء أقسام الورع ونبهوا على أن الغلو في هذا الباب ليس مما ينبغي.

 قال الحافظ في الفتح: وترك ما يشك فيه أصل عظيم في الورع.

وقد روى الترمذي من حديث عطية السعدي مرفوعا: لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس. وقد تقدمت الإشارة إليه في كتاب الإيمان ، قال الخطابي: كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه . ثم هو على ثلاثة أقسام : واجب ومستحب ومكروه ، فالواجب اجتناب ما يستلزمه ارتكاب المحرم ، والمندوب اجتناب معاملة من أكثر ماله حرام ، والمكروه اجتناب الرخص المشروعة على سبيل التنطع. انتهى.

وقد بوب البخاري في صحيحه باب: من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات.

قال الحافظ رحمه الله: وغرض المصنف هنا بيان ورع الموسوسين كمن يمتنع من أكل الصيد خشية أن يكون الصيد كان لإنسان ثم أفلت منه، وكمن يترك شراء ما يحتاج إليه من مجهول لا يدري أماله حلال أم حرام وليست هناك علامة تدل على الثاني ، وكمن يترك تناول الشيء لخبر ورد فيه متفق على ضعفه وعدم الاحتجاج به ويكون دليل إباحته قويا وتأويله ممتنع أو مستبعد. انتهى.

 فإذا علمت هذا فعليك أن تتقي الله ما استطعت وتتحرى الحلال جهدك فلا تعامل من الشركات من يتعامل بالربا، وإذا بعت شيئا فبين للمشتري ما فيه من العيب إن وجد، ولكن لا يحملنك الورع وطلب الحلال على الغلو والتنطع فلا تقبل الهدية من أحد ولا تلتقط مالك إذا سقط منك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة