الفقه الأثري والظاهري

0 268

السؤال

ما معنى الفقه الأثري والظاهري ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالفقه الأثري هو المعتمد في استمداده على الآثار والنصوص من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، وهذا هو نهج فقهاء الإسلام الكبار، أنهم متى وجدوا في المسألة نصا لم يعدلوا عنه إلى غيره، ولا يقدمون على النصوص قياسا أو استحسانا أو غير ذلك، وهذه طريقة الأئمة الأعلام.

يقول ابن القيم رحمه الله مبينا ما كان عليه الأئمة من الأخذ بالآثار وجعلها العمدة في الاستدلال: ثم جاءت الأئمة من القرن الرابع المفضل في إحدى الروايتين، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد وابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وعمران بن حصين، فسلكوا على آثارهم اقتصاصا، واقتبسوا هذا الأمر عن مشكاتهم اقتباسا، وكان دين الله سبحانه أجل في صدورهم، وأعظم في نفوسهم، من أن يقدموا عليه رأيا أو معقولا أو تقليدا أو قياسا، فطار لهم الثناء الحسن في العالمين، وجعل الله سبحانه لهم لسان صدق في الآخرين، ثم سار على آثارهم الرعيل الأول من أتباعهم، ودرج على منهاجهم الموفقون من أشياعهم، زاهدين في التعصب للرجال، واقفين مع الحجة والاستدلال، يسيرون مع الحق أين سارت ركائبه، ويستقلون مع الصواب حيث استقلت مضاربه، إذا بدا لهم الدليل بأخذته طاروا إليه زرافات ووحدانا، وإذا دعاهم الرسول إلى أمر انتدبوا إليه ولا يسألونه عما قال برهانا، ونصوصه أجل في صدورهم وأعظم في نفوسهم من أن يقدموا عليها قول أحد من الناس، أو يعارضوها برأي أو قياس. انتهى.

 وأما الفقه الظاهري فمنسوب إلى طائفة من العلماء يسمون أهل الظاهر، وإمامهم هو داود بن علي الظاهري، وأشهر من قام بنصر هذا المذهب والتصنيف فيه والاستدلال له هو أبو محمد ابن حزم رحمه الله.

 وهم فقهاء أجلاء عندهم تعظيم للنصوص وعناية بها، لكنهم غلوا وأسرفوا في إنكار القياس حتى ما كان جليا منه ففرقوا بين المتماثلات وجمعوا بين المختلفات، وأتوا بأقوال شنيعة حملهم عليها الغلو في إنكار القياس والتعليل وخالفوا بذلك طريقة الصحابة ومن بعدهم في الاستدلال، وتفصيل هذا يطول جدا، وفي إعلام الموقعين لابن القيم رحمه الله بسط حسن لهذه المسألة فليرجع إليه.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله مبينا خطأ الظاهرية في إنكار القياس الجلي: ومن لم يلحظ المعاني من خطاب الله ورسوله ولا يفهم تنبيه الخطاب وفحواه من أهل الظاهر؛ كالذين يقولون: إن قوله: {فلا تقل لهما أف} لا يفيد النهي عن الضرب. وهو إحدى الروايتين عن داود؛ واختاره ابن حزم وهذا في غاية الضعف بل وكذلك قياس الأولى وإن لم يدل عليه الخطاب لكن عرف أنه أولى بالحكم من المنطوق بهذا فإنكاره من بدع الظاهرية التي لم يسبقهم بها أحد من السلف فما زال السلف يحتجون بمثل هذا وهذا. انتهى.

 وبعد فهذا الموضوع يحتمل بسطا  كثيرا وفيما ذكرنا كفاية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى