قواعد يجب مراعاتها عند التنازع في الميراث

0 169

السؤال

توفي الجد الكبير تاركا إرثا كبيرا؛ أراض وعقارات لأربع إخوة وأختين في الأراضي المحتلة، وبسبب الشتات كان هناك بعض الورثة خارج البلاد والبعض داخلها، وللأسف تمت السيطرة على تلك الأراضي من قبل أطراف خارجية، ادعت أن تلك الأراضي غير مسجلة رسميا لدى دوائر التنظيم المحلي للأراضي، إذ إن المتعارف عليه قديما هو أن تلك الأراضي تكون مشاعا ـ يعرفها الناس فيما بينهم، لأن عددهم قليل في ذلك الزمان ـ وبما أن تلك الأراضي في مكان استراتيجي حاليا، وأغلب ورثتها لا يستطيعون الوصول للذود عن تلك الأراضي، والإخوة الموجودون في تلك الأرض لم يستطيعوا حمايتها، دب الخلاف بينهم في الطرف المقصر، وهل هو الذي يعيش خارج أرضه؟ أم من صمدوا في الأراضي المحتلة؟ والتخوين للأخ المسؤول عن عملية التقسيم في دوره في هذه العملية، إذ إنه يعرض على جميع الأطراف القبول بالقسمة بمبالغ زهيدة بسبب هذا الواقع القائم في تلك الأراضي، ومع مرور الزمن قبل البعض بنصيبهم أيا كان، بينما بقي موقف البعض الآخر صامدا لا يقبل التنازل في هذا الموضوع، ويريد أخذ حقه كاملا وهو في خارج البلاد، ومما يزيد الطين بلة أن الموضوع لم يعد بين الإخوة، فاليوم الموضوع ينتقل إلى الأحفاد الذين هم ضعفي عدد الورثة السابقين.أرجو أن يكون جميع عناصر هذا الموضوع واضحة لكم، وما أطلبه منكم هو أين مفتاح الحل من وجهة نظركم؟ وما يجب على كل طرف عمله حتى ينتهي هذا الملف؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ينبغي التنبيه عليه في البداية أن أمر التركات وسائر الحقوق المشتركة أمر خطير وشائك للغاية، فلا بد من رفعه للمحاكم الشرعية أو ما ينوب منابها، للنظر والتحقيق والتدقيق والبحث في الأمور الخفية، وإيصال الحقوق لذويها. ولا يمكن الاكتفاء في مثل هذه الأمور بمجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه،  خاصة إذا كانت متشابكة ومتطاولة الزمان ومتعددة الأطراف، وذات أبعاد لا يمكن أن يحاط بها عن طريق سؤال مكتوب، كما هو الحال هنا؛ ولذا فإننا سنكتفي ببيان بعض الأصول المعتبرة في هذا الموضوع من خلال النقاط الآتية: 

1ـ التركة لا يصح أن يختص أحد من الورثة بشيء منها دون بقيتهم إلا بعد القسم، فكلها ينتقل إلى الورثة على الشيوع. قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على المنهج: التركة نقدها وعينها ودينها شائع بين الورثة  فليس لبعضهم الاستقلال بشيء دون قسمة معتبرة، حتى لو قبض بعضهم شيئا من الدين لم يختص به وإن قصد المدين الأداء عن حصته فقط. اهـ. 

وهذا معناه أن ما بقي من التركة بعد ما تم غصبه منها هو ملك لجميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية، طالما أن القسمة لم تحصل بعد، ومن مات من الورثة انتقل نصيبه لورثته من كانوا. 

2ـ دفاع الورثة المقيمين في الأرض المحتلة عن هذه الأراضي نوع من أنواع الجهاد، وهم مأجورون على ذلك على قدر نياتهم، والحفاظ عليها ولو بالحيلة أمر محتم، ومن ذلك تسجيلها باسم بعض الورثة إن تعين ذلك سبيلا للحفاظ عليها من المحتلين، ولكن هذا لا يعني الملكية الشرعية، فالأرض باقية على ملكيتها لجميع الورثة. 

3ـ ما بذله المقيمون من أموال - للحفاظ على الأرض بنية الرجوع بها على بقية الورثة - لهم أن يطالبوا بما يخص بقية الورثة منه، ويجب بذله لهم إن أقاموا على ذلك بينة، وأما الجهد الذي بذلوه لحراسة كامل الأرض أو ما استطاعوا منها فالأصل فيه أنه تبرع إلا إن جرى العرف بأن من يفعل ذلك يستحق مقابلا معينا، أو أجرة المثل ونحو ذلك، أو جرى اتفاق بينهم وبين بقية الورثة في الخارج على شيء معين فيجب الوفاء بالشرط. 

4ـ تنبغي المبادرة إلى تقسيم التركة رفعا للنزاع والخصومة وإيصالا للحقوق لذويها، وعند تعذر رجوع بعض الورثة لإتمام عملية القسم، فإنه يوكل غيره ممن يمكن حضوره كوكيل عنه.

جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى جواز توكيل الغائب غيره في العقود والتصرفات التي يملك الموكل إبرامها, كما أجازوا الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق وإيفائها واستيفائها، لأن الحاجة داعية إليه, والشخص قد لا يحسن المعاملة، أو لا يمكنه الخروج إلى السوق, أو لا يتفرغ للقيام بالعمل بنفسه. اهـ.

5ـ ينبغي أن يعتني جميع الورثة بصلة أرحامهم وصلاح ذات بينهم، ولو بتنازل كل منهم عن بعض حقه فيتعاملون بالسماحة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى. رواه البخاري. 

ومن لوازم هذا تقديم حسن الظن وعدم الاتهام والتخوين بدون بينة مقبولة. 

والله أعلم.    

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة