السؤال
والدي توفي وأنا عمري 13 عاما، ولي أخ توأم وله 5 أخوات من الأب ولدان وثلاثة بنات ويكبرانه في العمر متزوجون كلهم، فقد كتب والدي لي أنا وأخي قطعة أرض وثلث البيت. وباقي البيت نتقسم فيه أنا وإخوتي كلهم والدتي، وعلم أخواتي من الأب بهذا الميراث وتقاضينا بالمحاكم لمدة 7 سنين وأن المحكمة حكمت بالوالدي كتب له أنا وأخي. هذا الميراث من حقي أنا وأخي هل والدي متعذب بهذا الفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمذهب جمهور العلماء أن التسوية بين الأولاد في العطايا مستحبة وليست واجبة. وذهب الحنابلة وأبو يوسف من الحنفية ورواية عن الإمام مالك إلى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة، فإن خص بعضهم بعطية، أو فاضل بينهم فيها أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر. كما جاء في (الموسوعة الفقهية).
فعلى قول الجمهور لا يأثم الوالد بتخصيص بعض أولاده بالعطية، وعلى القول الآخر يأثم، والراجح المفتى به عندنا أنه يأثم إن فضل بعض أولاده دون مسوغ شرعي، كاختصاصه بحاجة أو مرض أو عمى، والهبة عندئذ باطلة وترد إلى التركة بعد موت الواهب عند بعض العلماء ورجح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ.
فعلى السائل أن ينظر في هبة أبيه فإن كان لها ما يسوغها فلا حرج على والده في ما وهب، ولا على السائل في امتلاك ما وهب. وإن لم يكن لها ما يسوغها فقد أخطأ الوالد في ذلك ونسأل الله تعالى أن يغفر له. وعلى السائل أن يرد هذه الهبة إلى التركة لتقسم على جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية؛ تصحيحا لخطأ أبيه، وإبراء لذمة نفسه، وحفظا لود إخوته، وإصلاحا لذات بينهم، وصلة لرحمهم. وراجع في ذلك الفتوى رقم:
140560. وما أحيل عليه فيها.
ثم ننبه السائل على أن حكم القاضي الشرعي بصحة هذه الهبة يرفع النزاع وينهي الخصومة، لكونه ملزما للطرفين. لكن ما أرشدناه إليه وإن حكم له بخلافه قاض شرعي أفضل وأولى .
والله أعلم .