السؤال
نجد الكثير من الناس عندما يغضبون من أحد يبدأون بسب الدين والملة والعياذ بالله، يسبون الدين بنية توجيه السب إلى المخاطب، لكنهم في نفس الوقت يسبون الدين وهم لا يشعرون، فما حكم الشرع في سب الدين؟
نجد الكثير من الناس عندما يغضبون من أحد يبدأون بسب الدين والملة والعياذ بالله، يسبون الدين بنية توجيه السب إلى المخاطب، لكنهم في نفس الوقت يسبون الدين وهم لا يشعرون، فما حكم الشرع في سب الدين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا بيان إجماع أهل العلم على أن سب الدين كفر بالله عز وجل، فإذا وقع من مسلم فقد ارتد عن الإسلام والعياذ بالله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 133.. كما سبق لنا في الفتوى رقم: 137051 بيان بطلان اشتراط كون الساب قاصدا للسب، وأن الشرط إنما هو قصد الكلام لا قصد السب، بمعنى أن يزول عارض الخطأ والذهول وما في معنى ذلك مما يلغي قصد المتكلم لكلامه، وقد أوضح ذلك العلامة ابن عثيمين فقال في فتاوى نور على الدرب: من سب دين الإسلام فهو كافر سواء كان جادا أو مازحا، حتى وإن كان يزعم أنه مؤمن فليس بمؤمن.. إذا كان قد قصد الكلام فإن من سب دين الإسلام جادا أو مازحا فإنه كافر كفرا مخرجا من الملة، عليه أن يتوب إلى الله عز وجل... ويقلع عما صنع وأن يعظم دين الله عز وجل في قلبه حتى يدين الله به وينقاد لله بالعمل بما جاء في هذا الدين.
أما شيء سبق على لسانه بأن كان يريد أن يمدح الدين فقال كلمة سب بدون قصد بل سبقا على اللسان، فهذا لا يكفر، لأنه ما قصد السب بخلاف الذي يقصده وهو يمزح. ولهذا ثبت في الصحيح في قصة الرجل الذي كان في فلاة فأضاع راحلته وعليها طعامه وشرابه فلم يجدها ثم نام تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بناقته على رأسه فأخذ بزمامها وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح، فلم يؤاخذ لأن هذا القول الذي صدر منه غير مقصود له بل سبق على لسانه فأخطأ من شدة الفرح. فيجب أن نعرف الفرق بين القصد وعدمه، يجب أن نعرف الفرق بين قصد الكلام وعدم قصد الكلام، وليس بين قصد السب وعدم قصده لأن هنا ثلاثة مراتب:
المرتبة الأولى: أن يقصد الكلام والسب، وهذا فعل الجاد.
المرتبة الثانية: أن يقصد الكلام دون السب، بمعنى يقصد ما يدل على السب لكنه مازح غير جاد، فهذا حكمه كالأول يكون كافرا، لأنه استهزاء وسخرية.
المرتبة الثالثة: أن لا يقصد الكلام ولا السب، وإنما يسبق لسانه فيتكلم بما يدل على السب دون قصد إطلاقا، لا قصد الكلام ولا قصد السب، فهذا هو الذي لا يؤاخذ به.. انتهى.
وراجع للمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 129105.
والله أعلم.