السؤال
هل يعذب في النار من يعاشر زوجته مثلا بعد طلاق ثلاثة، أو أخذ بفتوى وهو لا يعرف مدى صحتها بالضبط أن مثلا طلاقه لم يكمل الثلاث وهو في الأصل مكمل أو غير مبالي. يعني هل يعذب بع موته على جرائم زنا والعياذ بالله أم يعذب على تقصيره في أخذ الحكم الشرعي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه أولا على أن من ارتكب معصية ثم مات على الإيمان
قبل التوبة الصادقة فأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن غفر له، ولا يمكن القطع له بتعذيب أو نعيم، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبادة بن الصامت قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط فقال أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا
ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف. فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو له كفارة وطهور ومن ستره الله فذلك إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وفي شرح النووي لصحيح مسلم : وان كان هذا من المخلطين بتضييع ما أوجب الله تعالى عليه أو بفعل ما حرم عليه فهو في المشيئة لا يقطع في أمره بتحريمه على النار ولا باستحقاقه الجنة لأول وهلة، بل يقطع بأنه لابد من دخوله الجنة آخرا وحاله قبل ذلك في خطر المشيئة إن شاء الله تعالى عذبه بذنبه وان شاء عفا عنه بفضله.
وبخصوص من عاشر زوجته بعد التحقق من ثلاث طلقات فهو زان والعياذ بالله تعالى، وإن كان قد أفتي بأن الواقع أقل من ثلاث وهو يعلم من نفسه وقوع الثلاث لكنه لبس على المفتي أو كتم عنه بعض ما وقع ليفتيه طبقا لمراده فإن ذلك لا يبيح له ما أفتي به، إذ الفتوى لا تبيح محرما في نفس الأمر، كما يعتبر عاصيا أيضا إذا كان لا يبالي بمعرفة الحكم الشرعي في شأن علاقته بزوجته هل هي محرمة عليه أم لا بل الواجب عليه سؤال أهل العلم لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون{النحل:43}
وسؤالهم مبريء لذمته إن لم يكن له علم بالمسألة، ويكفيه إن كان قد زنا أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما قال صلي الله عليه وسلم. ومن ضمن توبته الابتعاد عمن طلقها ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، فإذا حصل ذلك فله حينئذ أن يعقد عليها، وإن مات قبل التوبة الصادقة فلا يمكن الجزم بتعذيبه لأجل الزنا أو غيره بل أمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
والله أعلم.