السؤال
في عملي مع استشارة بعض المرضى يكون هناك أسئلة من المرضى لي، ودائما يسألون عن الرأي الطبي. فهل أعطي الرأي الطبي أو لا عندما يتعارض مع حكم الشرع؟ أو يكون الرأي الطبي لا يبت بالأمر بل يتركه للمريض أن يختار.
للأحكام والاستشارات التالية1- العادة السرية التي يمارسها بعض الشباب غير المتزوجين أو المتزوجين خلال فترة غياب الزوجة لفترات طويلة.فالسوأل من بعض المرضى هل العادة السرية خطرة أو لا على صحة البدن؟والجواب الطبي حيث إن كثير من الآراء الطبية توصي بالعادة السرية لتخفيف الاحتقان بالخصيتين أو احتقان البروستاتة في بعض الأحيان .
2- العادة السرية التي يمارسها شخصان كل لصديقه، أي أحد المراجعين يستمني لصديقه، وصديقه يستمني له أي الاستمناء بالتبادل. ويسأل الشخص هل الاستمناء بالتبادل ينقل الأمراض الجنسية؟ والرأي الطبي يكون عند عدم وجود جروح باليد لا تنتقل الأمراض الجنسية. وهو يدعي بأن العمل غير محرم ولايعتبر لواطا لأن ليس فيه إدخال بالدبر.فما يكون جوابي؟ فالجواب الطبي قد لا يمنعهم؟ وهل الفعل يعتبر لواطا؟
3-العلاقات الجنسية الفموية مع البنات أو الأولاد. هل هي خطرة وتنقل الأمراض الجنسية؟الرأي الطبي باستعمال الغطاء الواقي (الكندم) لا تنتقل الأمراض الجنسية. وهم أي المراجعون أو الذي يستشير لا يعتبرها زنا أو لواطا لأنه ليس فيها إدخال بالفرج. حيث يكون الجواب الطبي غير رادع للعمل . بل في بعض الأحيان مشجعا على العمل ؟
فما رأي الشرع في هذا الإطار . وهل إعطاء الراي الطبي يعتبر إثما ؟فما راي الشرع بالعمل الذي يقوم به هولاء الشباب؟
أفيدونا أفادكم الله .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي نراه أنه يمكن الجمع في هذه الأحوال المذكورة في السؤال بين المصلحة الشرعية وبين ممارسة الطبيب لمهمته الاستشارية، وذلك ببذل النصيحة التي يمليها علينا ديننا من الموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع عرض آراء الأطباء بما يخدم هذا الجانب الأصيل. وذلك اعتمادا على أمرين:
ـ اختلاف الأطباء أنفسهم في كثير من جوانب وتفاصيل هذه المسائل، فيمكن للطبيب أن يختار من الآراء والمدارس الطبيبة المعتبرة ما يوافق الحكم الشرعي الصريح.
ـ اعتماد لغة الاحتمال والنسبية في العرض، فلا يقطع الطبيب بعدم المضرة مثلا، ولكن يلجأ إلى العبارات المحتملة والتعبيرات النسبية. فمثلا لا يقطع الطبيب بعدم انتقال الأمراض في حال عدم وجود جروح باليد، خاصة وأن هناك من الخدوش الجلدية ما لا يدرك بالعين لصغره ولكنه يسمح بنقل الفيروسات !! وراجع في معنى حديث الدين النصيحة الفتوى رقم:
3058.
وهنا أمر لابد من اعتباره والالتفات إليه، وهو أن هناك من المعلومات الطبية المتناقلة على أنها حقائق علمية لا تكون كذلك، وقد يراد من وراء تعميمها أغراض أخرى، قال الدكتور رضا الطيب في بحثه (قضايا وهموم الأمة الإسلامية): أخذ أعداؤنا يستغلون سذاجتنا بالترويج لاتباع وسائل وقاية هي السم بعينه واللعنة بذاتها، وذلك باستخدام ما يسمي (الواقي الذكري) ونشر ما يسمي (الثقافة الجنسية) بمفهومها القبيح عند المراهقين والمراهقات، ويتجسد ذلك في برنامج الأمم المتحدة لمقاومة مرض الإيدز ... فقد روج اليهود والصليبيون بكل جد واجتهاد لمقولة أن (الواقي الذكري) الذي يستخدمه الرجل عند الجماع هو الحصن الحصين لوقاية الشواذ والزناة والمنحرفين من الإصابة بمرض الإيدز، حتى كادت هذه المقولة أن تصبح في عقول الناس حقيقة مؤكدة، ولم يتوقف عاقل أو أريب ليسأل نفسه: هل هذه حقيقة علمية أم خدعة دعائية؟ والحقيقة أننا عندما توقفنا في هذا الأمر وتقصينا فوجئنا بحقائق مرعبة تثبت كذب هذا الادعاء وتبرهن على أن هذا (الواقي الذكري) من الممكن أن يكون هو الأداة الأولى والأخطر لنشر الإيدز، وذلك من خلال معرفة المعلومات التالية ـ وذكر سبع معلومات مفصلة ثم قال : ـ ثم كانت الفضيحة الكبرى التي فضحت أعداءنا ... ذلك هو ما جاء على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) علي موقع (CNN) بأن الإدارة الأمريكية تدرس وضع ملصقات تحذيرية في عبوات (الواقي الذكري) تشير إلى أن المنتج لا يضمن حماية مستخدميه من عدوى الأمراض المتنقلة عبر الممارسات الجنسية. كذلك فإن (دائرة الدواء والغذاء الأمريكية) تقوم بوضع إرشادات جديدة علي ملصقات (الواقي الذكري) التي تذكر بأن استخدامه بالطريقة الصحيحة تقلل من مخاطر الإصابة بالإيدز والأمراض المنتقلة عبر الممارسات الجنسية !! تقلل فقط، لكنها لا تحمي ولا تمنع. وبالإضافة إلي ذلك فقد قرر (البيت الأبيض) مضاعفة الميزانية الفيدرالية للترويج لبرامج تعليمية لإقناع الشباب الأمريكي بأن (الامتناع عن الممارسات الجنسية الخاطئة هو السبيل الوحيد لمنع انتشار ذلك المرض الخبيث). فيا سبحان الله، عندما يتعلق الأمر بشبابهم ومواطنيهم لا يملكون معهم إلا الصدق والمصارحة والعمل علي حمايتهم فلا يجدون أمامهم إلا ما دعا إليه دين الإسلام !! فيتقبلونه ويدعون إليه. أما عندما يتعلق الأمر بشباب المسلمين وأبنائهم فإنهم يعمدون إلي خداعنا اهـ.
وجاء في رسالة (الرؤية الإسلامية في مواجهة مرض الإيدز) لهيئة علماء الجمعية الشرعية: الادعاء بأن استعمال العازل الطبي يقي من انتقال الإيدز أو الأمراض الجنسية الأخرى من شخص إلى آخر لا يمكن الاعتماد عليه، فالعازل يقلل نسبة انتقال هذه الأمراض ولكنه لا يمنع بالضرورة من الإصابة بفيروس الإيدز؛ حيث المسام الميكروسكوبية في العازل تسمح لفيروس الإيدز بالمرور من خلالها، لأن حجمها يكون أكبر منه، فيصاب الشخص بعدوى الفيروس .. وقد يتهتك العازل أثناء العملية الجنسية ويؤدي أيضا إلى الإصابة به. ثم إنه بعد الممارسة يتسع هذا العازل ويسمح بخروج السائل المحمل بالفيروس. ولقد أثبتت دراسات عديدة أن العازل الطبي غير مانع على الإطلاق من انتقال فيروس الإيدز، ونتائج هذه الدراسات أثبتتها نشرة خدمات الإيدز الصادرة عن مركز معلومات الإيدز في الولايات المتحدة. إن السياسات المعتمدة في توزيع العازل الطبي في أفريقيا وبلدان العالم النامي توحي بأن العازل آمن (100%) ومن ذلك تسميته بالواقي الذكري لإضفاء خاصية الوقاية عليه، لكن الحقيقة إن واحدا من كل عشرة يستخدمون العازل يصاب بالإيدز (هذا على فرض استخدامه بشكل صحيح )، ونسبة الفشل هذه تعد نسبة كبيرة في الأمراض المميتة. وهذا ما جعل أحد الخبراء المناهضين لسياسة ترويج العازل الطبي كواقي من الإيدز يقول: "ما رأيك لو أنك تمارس رياضة القفز في الهواء، وقيل لك إن الباراشوت يعمل بنسبة (90%) هل ستمارس هذه الرياضة؟ لذا نحن نرى أن الترويج للعازل الطبي ليس للوقاية من الإيدز، إذ أنه لا يحمي من المرض، وإنما لغرض آخر هو منع الحمل اهـ.
ومع ذلك فإذا افترضنا جدلا أن مسألة من نحو هذه المسائل المسئول عنها لا يجد الطبيب فيها خلافا بين المدارس الطبية، ولم يستطع أن يعبر فيها بتعبير نسبي محتمل، فإما أن يسكت وإما أن يخبر مراجعه بما يعلم من حاله أنه يشجعه على المعاصي ويهونها عليه، فالذي نراه أنه يلزمه السكوت، درءا لهذه المفسدة المحضة، التي لا تقابلها مصلحة أصلا، وهذا من الكتمان المحمود للعلم الذي يستعمل في غرض فاسد محرم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن العلم ما يضر بعض النفوس لاستعانتها به على أغراضها الفاسدة، فيكون بمنزلة السلاح للمحارب والمال للفاجر اهـ.
ومن ناحية أخرى فكتمان مثل هذا أولى من كتمان بعض المسائل الشرعية توقيا لسوء الفهم والاشتباه، فإن كان ذلك يسعنا مع نصوص القرآن والسنة النبوية درءا لمفسدة أو جلبا لمصلحة راجحة، فإنه يتحتم في الاستشارات الطبية التي يعلم الطبيب أنها تشجع على المعاصي وتغري بها. وراجع الفتوى رقم: 129154.
ثم إننا ننصح الأخ السائل الكريم بالاحتفاظ بوسائل دعوية مناسبة تتناول حكم هذه المسائل التي يتعرض لها، يهديها لمراجعيه، كالمطويات والأشرطة وأقراص الليزر المنتقاة.
وأما حكم هذه الأعمال المشار إليها في السؤال، فقد سبق لنا الكلام عن العادة السرية في الفتوى رقم: 7170.والجنس الفموي مع الأجنبية في الفتوى رقم: 78570. ومقدمات الزنا في الفتوى رقم: 20064. ومقدمات اللواط في الفتوى رقم: 112463. والعادة السرية المتبادلة في الفتوى رقم: 96041
والله أعلم.