السؤال
أرى ما لا يسكت عليه، فأنا قد فتنت حقا، لكن هذا لا يحدث لي إلا إذا بدأت في العبادة فتأتيي شتى الأمور السخيفة في بالي، وهذا لأنني مراهقة، فكيف أجاهد نفسي؟ وهل يأثم المراهق بالأفعال التي يقوم بها؟ أرجو أن لا تحيلوني إلى أسئلة مشابهة.
أرى ما لا يسكت عليه، فأنا قد فتنت حقا، لكن هذا لا يحدث لي إلا إذا بدأت في العبادة فتأتيي شتى الأمور السخيفة في بالي، وهذا لأنني مراهقة، فكيف أجاهد نفسي؟ وهل يأثم المراهق بالأفعال التي يقوم بها؟ أرجو أن لا تحيلوني إلى أسئلة مشابهة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الوساوس والأفكار السيئة والخواطر الرديئة، إنما هي من كيد الشيطان ومكره يريد أن يصدك بها عن عبادتك ويشغلك عن طاعتك، فعليك أن تجاهدي نفسك في دفعها ما أمكن، واعلمي أن من رحمة الله تعالى بعباده أنه لم يؤاخذهم بهذه الخواطر وتلك الأفكار، فقد تجاوز الله تعالى لهذه الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تكلم، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأنت لا تؤاخذين ولا تأثمين على مجرد هذه الخواطر ولكن عليك بمجاهدتهها، لأن الاسترسال معها قد يجر إلى ما لا يحمد، وأيضا فإن حراسة الخواطر والأفكار من أعظم ما يحرس العبد به قلبه ويمنع الشيطان من بذر بذور الشر فيه، فإن الخواطر هي مبدأ الأعمال السيئة، قال ابن القيم ـ رحمه الله: قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال: وهي شيئان:
أحدهما: حراسة الخواطر وحفظها والحذر من إهمالها والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات ثم يسقيها بسقية حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال. انتهى.
وأما إذا صارت هذه الخواطر إرادات ثم تحولت إلى عزمات ثم صارت أفعالا يكتسبها العبد بجوارحه فإنه حينئذ يكون مؤاخذا عليها، ولا فرق في ذلك بين المراهق وغيره ما دام قد بلغ الحلم، فإن العبد يجري عليه القلم ببلوغه الحلم فيكتب عليه من حينئذ ما يعمله من خير، أو شر.
والله أعلم.