السؤال
طلق رجل زوجته 6 طلقات متفرقات، وواحدة من الطلقات كانت عن طريق رسالة الجوال، قال فيها بأنها طالق فقد بنتي نص الرسالة باعتراف منه أنه المرسل مع العلم أنه يقول بأنها مازالت زوجته إلى هذا اليوم، وأنها لم تحرم، وعذره قال مرة بأن الطلاق لايقع إلا بشهود ويوجد شهود ولكن من الأهل الذين نعتقد بأنهم لن يشهدوا بما حصل اتقاء للمشاكل، وعندما قلنا له بأن هناك شهودا قال بأنه غضبان طبعا يقصد في جميعها إلى درجة الإغلاق، والزوجة وبعض ممن شهدوا الطلاق يقولون لم يصل لدرجة الإغلاق، وبعضها غضب عادي مع العلم بأنه أعطى زوجته ظهارا قبل الطلقتين الأخيرتين، وعندما قلت له بأنه تجب عليه كفارة الظهار المتوفرة له بعد العتق التي هي صيام شهرين قال لا بأنه تصدق وهو يستطيع من وجهة نظرنا، وأصبح يجامع زوجته دون كفارة، وهي لم تمنعه.
سؤالي هنا: هل هي زوجته كما يدعي أم لا؟ مع العلم بأن هذه الزوجه تقول تعلم في قرارة نفسها بأنها مطلقة منه، ولكن على حد قولها بأنها مشككة بسبب الزوج، مع العلم بأنها أفتيت من خالها وأحد مشايخ الحرم فقالوا بأنها ليست زوجته، ولكن تعرفون بأنهم لايقولون سوى أعتقد كذا ولكن اذهبن إلى المكان الفلاني للإفتاء، ولكنها لا تستطيع لرفض الزوج، كما جعل الزوج عند ذهابه إلى المحكمه بأن الطلاق كان في جلسة واحدة بتكرار لفظ صيغة الطلاق فهل يقع طلاقه منها أم لا؟ وهل الطلاق البدعي وهي حائض أو في طهر جامعها فيه يقع أم لا؟ وإذا طلق الزوج زوجته دون حضور أحد يقع أم إنه لا يقع؟
مع العلم بأنهم يقولون بأن لو طلق زوجته 100 طلقة لم تقع ولا أعرف كيف ذلك فهم يقولون بأن الطلاق لا يقع إلا إذا كان مثبتا فقط عن طريق المحكمة، فهل هذا صحيح أم لا؟ أفتونا جزاكم الله كل الخير ولا تهملوا رسالتي، فلا يوجد لدي بعد الله إلا أنتم، وهذا كله سؤال واحد مما حصل من القصة المذكورة. والله على ما أقول شهيد. أعتذر على الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول لك أولا إن قضايا المنازعات لا بد أن يرجع فيها إلى المحاكم الشرعية أو ما يمثلها في بلد الخصومة.
وقد تضمن سؤالك عدة نقاط نجيبك عليها إجمالا.
أولا: الطلاق البدعي وهو الواقع في الحيض أو في طهر مس فيه الرجل زوجته أو إيقاع أكثر من طلقة بلفظ واحد أو قبل انقضاء العدة طلاق محرم شرعا، لكنه واقع على من أوقعه في قول جمهور أهل العلم مع الإثم، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم إلى عدم وقوعه وهو الذي يؤخذ به في كثير من المحاكم الشرعية اليوم . وحكم القاضي يرفع الخلاف.
ثانيا: لا يشترط في صحة الطلاق الإشهاد عليه، لأن الطلاق من حق الرجل، فمتى ما أوقعه نفذ عليه -ولو لم يشهد عليه- إلا أن الإشهاد عليه مستحب، لقوله تعالى : وأشهدوا ذوي عدل منكم {الطلاق:2}.
ثالثا : الظهار وحقيقته الشرعية تشبيه الزوج زوجته في الحرمة بمحرمة كأن يقول أنت علي كظهر أمي ونحوها . وكان الظهار في الجاهلية طلاقا، فغير الشرع حكمه إلى تحريم الزوجة تحريما موقتا، فلا تحل له حتى يخرج الكفارة، وهو محرم وزور، فلا يجوز للمسلم أن يظاهر من زوجته، قال تعالى : وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا {المجادلة:2}. ومن وقع في الظهار ثم عاد فعليه الكفارة المبينة في قوله تعالى : فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا {المجادلة:3-4}. ولا يكفي مجرد التصدق بل لا بد من مراعاة الترتيب في الكفارة، فمن وجد الرقبة لا ينتقل إلى الصوم، فإن لم يجد واستطاع الصوم لا ينتقل إلى الإطعام، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا.
رابعا : مسألة الطلاق برسالة في الجوال وهو واقع إن قصده الزوج؛ لكون الكتابة من الكناية فيقع الطلاق فيها بالقصد والإرادة. ومن كتب الطلاق في الجوال أو في ورقة وهو لا يقصد إيقاعه فلا يقع.
خامسا : مسألة طلاق الغضبان . وخلاصة القول فيها أن مجرد الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إذ لا يطلق الرجل زوجته غالبا وإلا وهو مغضب منها، لكن إن وصل به الغضب إلى فقد الوعي والإدراك فلا يقع طلاقه حينئذ .
سادسا : إذا تيقنت المرأة من أن زوجها قد طلقها ثلاثا، وأنها بانت منه فلا يجوز لها أن تمكنه من نفسها، ولا يحملها الخوف منه على مواطأته على معصية الله. وعليها أن تدفعه عنها وتسعى في الفراق منه ولو بطريق الخلع .
قال خليل في مختصره الفقهي : ولا تمكنه زوجته إن سمعت إقراره وبانت، ولا تتزين إلا كرها، ولتفتد منه. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني : وهذا قول أكثر أهل العلم لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات. اهـ
والله أعلم.