السؤال
هل يجوز لغير المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية أن يحتكموا إلى شرعهم؟ أم أنه يجب على الدولة (ولي الأمر) إلزامهم بالاحتكام إلى شرعنا ماداموا يعيشون في بلاد المسلمين؟
هل يجوز لغير المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية أن يحتكموا إلى شرعهم؟ أم أنه يجب على الدولة (ولي الأمر) إلزامهم بالاحتكام إلى شرعنا ماداموا يعيشون في بلاد المسلمين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالكفار المقيمون في بلاد المسلمين لا يلزمون بأحكام أهل الإسلام، بل يتحاكمون فيما بينهم إلى شريعتهم، لكن إذا كانت الخصومة بين ذمي ومسلم وجب الحكم بينهم بحكم الإسلام إجماعا، وإذا تحاكموا إلينا فقد اختلف العلماء هل يجب الحكم بينهم بشرعنا أو لا؟ فمنهم من قال: لا يجب استدلالا بقوله تعالى: فإن جآؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط {المائدة:42} وهو قول الجمهور. ومنهم من قال بل يجب الحكم بينهم بشرعنا إذا تحاكموا إلينا لقوله تعالى: وأن احكم بينهم بمآ أنزل الله {المائدة:49}. وادعوا أن هذه الآية ناسخة للآية الأخرى، جاء في الروض مع حاشيته: وإن تحاكموا إلينا فلنا الحكم والترك، هذا المذهب، وكذا لو استعدى بعضهم على بعض، خير الحاكم بين الحكم وتركه. لقوله تعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم. فيحكم لأحدهما على الآخر إن شاء، ولا يحكم إلا بحكم الإسلام، ويلزمهم حكمنا لا شريعتنا، وقال بعض أهل العلم: إنها منسوخة بقوله: { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } وإن لم يتحاكموا إلينا فليس للحاكم أن يتبع شيئا من أمورهم، ولا يدعوهم إلى حكمنا، وإن تحاكموا إلى حاكمنا مع مسلم ألزم الحكم بينهم لما فيه من إنصاف المسلم من غيره، أورده عن ظلمهم، وذلك واجب، وإن تبايعوا بيوعا فاسدة، وتقابضوا من الطرفين، ثم أتونا أو أسلموا لم ينقض فعلهم وإن لم يتقابضوا فسخه الحاكم، وإن تبايعوا بربا في سوقنا منعوا.
وفي تفسير القرطبي عند قوله تعالى: فإن جآؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم { المائدة:42} بسط لهذه المسألة وبيان لكثير من فروعها ومذاهب العلماء فيها فلينظره من طلب الزيادة.
والله أعلم.