السؤال
هل للأمة أن تشترط على الخليفة عند بيعته تحديد ولايته بمدة محددة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا لا نعلم ما يدل على منع هذا الأمر وإن كان لم يعهد مثله في صدر الإسلام، ولكن عدم حصول ذلك ليس دليلا على المنع، لأن الأصل فيما ليس من الأمور التعبدية عدم التوقف بخلاف التعبدية فالأصل فيها التوقف ، ولا يمكن أن يقاس الرئيس المنتخب في عصرنا الحالي على الخليفة المعهود في العصر الأول، لأن الرئيس المنتخب في عصرنا محكوم عليه بالنظم الدستورية، ومراقب من طرف النواب والسلطات القضائية، فإن حاد عن المنهج المرسوم له نزعت منه الثقة، وأمكن عزله حسب النظم المعروفة حاليا، ولا يترتب على عزله في هذه الحال ما قد يترتب على عزل خليفة، فلا دماء تسفك عند حجب الثقة في البرلمان، أو عند عزل الرئيس، أو رئيس الوزراء، ولا يمكن كذلك أن يقاس الاشتراط على الرئيس قبل انتخابه على الخروج على خليفة المسلمين الشرعي الذي أخذ الخلافة بالطرق الشرعية، فهذا يحرم الخروج عليه ما دام موحدا مقيما للصلاة، وأما الرئيس المنتخب فهو ملزم بما اتفق عليه مع الشعب الذي انتخبه، ولا يعتبر الاشتراط عليه خروجا، لأنه لم يتسلم الحكم بعد، وعليه فإن المصلحة في هذا الأمر واضحة إن كان الشعب ينتخب رئيسه، لأن الرئيس عنده فترة عطاء في أيام قوته فإذا شاخ وضعف تولى غيره من القادرين على أداء المهمة الرئاسية كما ينبغي أفضل وأولى، وإذا اشترط هذا على الرئيس عند بداية توليه الحكم فلا يكون في أخذه منه بطريقة التداول السلمي المعروف خروج على ولي الأمر، ولكن الواقع المعيش تلاحظ فيه بعض الأمور التي يتعين على المسلمين النظر فيها، فمنها أن الراغبين في التداول السلمي يحرصون على الإمارة باعتبارها مغنما وكل يريد أخذها فترة ليستفيد من أرباحها ولا يحرص جميعهم على القيام بالمهمة الحقيقية التي هي تنفيذ أمر الله في أرضه وإقامة دينه وتحكيمه وتطبيقه في شعب الحياة كلها، ومما يلاحظ أيضا أنه قد يكون في برامج بعض من يترشحون لأخذ السلطة مستقبلا بعض الأمور التي لا يقبلها الشرع من النظريات العلمانية والأيديولوجيات المستوردة من الشرق، أو الغرب، فلزم على أهل الإصلاح والعاملين للإسلام أن يسعوا في هداية الشعب كله أتباعا ومتبوعين حتى لا يترشح لهم عن طريق صناديق الاقتراع من يحكم الدولة بخلاف الشرع ويتعين حوار أصحاب النظريات الفاسدة دائما وبيان الحق لهم حتى يعلم أنه ليس عند الإسلاميين رضى ولا إقرار بتلك المبادئ الفاسدة.
والله أعلم.