السؤال
طلب والدي المال كدين من عمي الذي يعمل في الغرب وقد أرسل له دولارات فقام والدي بتحويلها إلى العملة السورية، لأنه لم يقصد استدانة بدولارات، بل هو بحاجة إلى عملة سورية، لكن عند وقت سداد الدين وبعد زمن طويل تضاعف سعر الدولار أمام العملة السورية وطلب عمي من والدي ردها دولارات وأصر والدي أن يعيدها عملة سورية، لأنه لم يقصد استدانة المبلغ بالدولار وعمي يعلم أنه محتاج إلى عملة سورية وليس إلى دولارات وكان بإمكان عمي تحويلها الى العملة السورية قبل إرسالها، لكن صعب عليه هذا وحتى هذه اللحظة يسبب هذا الموضوع الفرقة بينهما فأرشدونا جزاكم الله إلى الحق، الرجاء التوضيح وإن أمكن طرح وقائع مشابهة من معاملات السلف من الصحابة والتابعين إن وجدت لتثبيت الحكم وإيضاحه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي اتضح من السؤال هو أن عمك قد أقرض والدك المبلغ بالدولار وعليه أن يعيد إليه مثل المبلغ الذي أقرضه إياه، ولا اعتبار لكون حاجة أبيك كانت إلى العملة السورية، أوغيرها ما دام أنه قد استلم مبلغ الدولار من عمك وهو الذي قام بتصريفه وتحويله إلى العملة السورية دون أن يكون وكيلا عن عمك في ذلك، جاء في المغني: المستقرض يرد المثل في المثليات سواء رخص سعره، أو غلا، أو كان بحاله. اهـ .
ثم إن من باب حسن القضاء أن يعيد والدك مثل المبلغ الذي استلمه ولو ارتفعت قيمة الدولار، أو رخصت قيمة العملة السورية، أوغيرها فهو قد انتفع بالمبلغ خلال تلك المدة التي يرى أن العملة قد تغيرت قيمتها خلالها، فلا ينبغي أن يبخل على من أقرضه ماله وانتفع به أن يعيده إليه كما اقترضه منه، وقد ثبت في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فأغلظ، فهم به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فإن لصاحب الحق مقالا، ثم قال: أعطوه سنا مثل سنه قالوا: يا رسول الله إنا لا نجد إلا أمثل من سنه، فقال: أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء. وراجع الفتوى رقم: 18212.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار. انتهى. وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوي رقم: 125042.
والله أعلم.