الإلحاح في الدعاء لأجل تيسير الزواج من شخص معين

0 1207

السؤال

تقدم لي رجل صالح أثق في دينه وأخلاقه وأهلي كذلك يثقون به، ويحبني جدا وأنا أيضا أحبه وأتمنى أن أتزوجه، ولكن أهلي رفضوا هذا الرجل، لأنه كان متزوجا من قبل وله أطفال من زوجته الأولى وهم يخشون علي من المشاكل التي يمكن أن تحدث لي في المستقبل، وأصر والدي على الرفض فاستمعت لأمره وابتعدت تماما عن من ارتضيته زوجا لي، ولكنني لا زلت أدعو الله دوما في كل الأوقات أن يكتبه لي زوجا، لأنني بالفعل أتمناه لي وأعلم أنه يقدرني ويحبني جدا، خاصة وقد قرأت أكثر من فتوى بأن الدعاء ممكن أن يغير قدر الإنسان إذا أراد الله، وأنا أدعو الله وأتوسل إليه أن يكتب لي الخير مع هذا الرجل إذا شاء من واسع فضله ورحمته علي، وكنت قد استقررت على هذا الأمل ولن أتردد، أو أتراجع عن الدعاء يوما حتى يقضي لي ربي أمرا كان مفعولا، إما أن أتزوجه، أو أن تتغير الأوضاع بداخلي وأرفضه، وبالفعل ـ الحمد لله ـ ازددت قربا من الله وإيمانا كبيرا، وتحسنت درجة إيماني كثيرا وكأن الله أراد لي الهداية من بعد رفض أبي هذا من كثرة ما قرأت في الدين والفتاوى ورحمة الله وحبه لعباده، تقربت أكثر له وأصبحت أكثر تدينا وطاعة وذكرا وقراءة للقرآن ـ والحمد لله ـ وأصبحت عيناي ويداي تقعان على أدعية وآداب للدعاء وأذكار تتلائم تماما مع ما أشعر به وعن أملي في أن يستجيب لي الله ويكتبه لي زوجا صالحا، وكأن الله يزيدني قربا بأن يضع أمامي ما يجعلني أتمسك أكثر بهذا الدعاء، أو أجد دعاء، أو طريقة ذكر واستغفار لم أكن قد قرأتها أبدا من قبل فأجد عندما أقرؤها أنني بالفعل أدعو الله بها وأفعلها دون سابق معرفة بها، فأفرح وأبكي أن الله يوفقني للدعاء الصالح من دون أن أعلم به، ولكن مؤخرا أصبحت أسمع هاجسا بداخلي أن الله إن كان يريده زوجا لي لكان زوجني له من قبل ولما كتب علي رفض أبي، أو رفض من أخذت رأيهم وحديثهم معي أنني سأعرض نفسي لمشاكل معه نتيجة لوجود أولاده، وأصبحت مترددة وقلقة، لكنني والله لم أيأس ولم أتوقف عن الدعاء، لكن هذا الهاجس يتردد بداخلي باستمرار عن أنه يجب أن أتوقف عن هذا الدعاء، لأنه لن يكتب لي، وأنني قد صليت استخارة من قبل ونتيجتها أن رفض أبي، فإذا كان خيرا لكان قد كتب لي، وأنا في تمسكي بهذا الدعاء أدعو الله أن لا يقدر غيره علي وقد وقفت عاجزة عن أي تصرف أمام أبي الذي هو مقتنع برأيه، ولم يعد لي أي حيلة وسلاحي الوحيد هو الدعاء المستمر وأملي في إجابته وحسن الظن بالله، ولكن هذا الهاجس يأتي لي أوقاتا باليأس الشديد وأن الأمر قد انتهى ولا رجعة فيه، فأقاوم وأقول لا والله ما دمت أدعو لن يخيبني الله أما أن يكتبه لي، أو يحدث ما يجعلني أقتنع بأن عدم زواجي منه هو الخير لي، وأتذكر كل أنبياء الله الذين ما فقدوا أمل في إجابة الدعاء ودائما ما تتردد بداخلي آيات سورة مريم التي تحكي قصة النبي زكريا وكيف لم ييأس من أن يرزقه الله الولد رغم أنه قد شاخ وزوجته عاقر؟ أي أنه منطقيا لن يرزق به، ولكن كرم الله قد فاق كل أمل وكل شيء عليه هين وأنا أريد أن أعلم هل هذا الهاجس يمكن أن يكون وسوسة من الشيطان لأتوقف عن هذا الدعاء المستمر واستغفاري لربي قبل كل دعاء؟ خاصة وأنني أصبحت أكثر من الصدقات رغبة مني في أن يرضى الله عني أكثر ليحقق لي أملي في الزواج ممن ارتضيته وليرضى عني في كل حياتي إذا لم يشأ لي الزواج منه، فهل هذا الهاجس يمكن أن يكون من الشيطان لأتوقف عن الدعاء؟ مع العلم أنني لا أتقرب لله فقط لأدعو بالزواج، وإنما ازددت قربا بعد هذه المحنة فإذا لم يكتب لي الزواج منه لن أنصرف بإذن الله عن طاعته وإرضائه وهذا ما أنويه بقوة، أم من الممكن أن يكون هذا الهاجس هو الإحساس الداخلي الذي يريد الله أن يصلني نتيجة الاستخارة بأنه لن يكتب لي أبدا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أصبت وأحسنت صنعا حين أقبلت على التدين والطاعة والذكر وتلاوة القرآن، فنسأل الله أن يجزيك خيرا ويزيدك هدى ويرزقك زوجا صالحا تسعدين معه في دنياك وآخراك، وأما هذا الرجل الذي ذكرت أنه رجل صالح تثقين بدينه وخلقه فمثله أحرى أن ترتضيه المرأة زوجا لها، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. رواه الترمذي.

وصاحب الدين والخلق إذا أحب المرأة أكرمها وإذا أبغضها لم يظلمها، والإلحاح في الدعاء من أهم آدابه، وكذا اليقين بالإجابة وعدم تعجلها، وراجعي آداب الدعاء في الفتوى رقم: 23599.

وعلى هذا، فلا بأس في استمرارك في الدعاء بأن ييسر الله لك الزواج من هذا الرجل، ولو جعلت دعاءك عاما بأن قلت مثلا: اللهم ارزقني زوجا صالحا ـ فربما كان أفضل فقد يختار الله لك من هو أفضل من هذا الرجل، وما ذكرت من هاجس تجدينه في نفسك تجاه الدعاء فلا يبعد أن يكون من الشيطان ليوقعك في اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى، والله عز وجل يقول: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون {الحجر:56}.

وأما بالنسبة للخاطب وكونه قد سبق له الزواج، أو أن له أولادا من زوجته الأولى فليس بمانع شرعا ولا عقلا ولا عادة من الزواج منه، ويمكن الاستمرار في محاولة إقناع والديك بالموافقة على الزواج منه واستشفعي إليهما بمن ترجين أن يكون لقوله تأثير عليهما، فإن وافقا فالحمد لله، وإن أصرا على الامتناع وخشيت أن يعضلك وليك عن الزواج من الكفء فلك الحق في أن ترفعي أمرك للمحكمة الشرعية لنظر القاضي في الأمر، فإن ثبت عنده عضل وليك لك زوجك القاضي، أو وكل من يزوجك، وراجعي الفتوى رقم: 7759.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة