السؤال
سؤالي بخصوص التيمم. توجد فتوى بالموقع تقول: أما ما يجوز فعله بالتيمم الواحد: فذهب الحنفية إلى أن المتيمم يصلي بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل، وإن تيمم للنافلة صلى به الفريضة لأنه طهور للمسلم عند عدم الماء، وهو رواية عن أحمد ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وذهب المالكية والشافعية والحنابلة أنه يتيمم لكل فريضة، ولا يصلي بتيمم واحد فرضين، ولا تصلى بتيمم نافلة فريضة، وله أن يصلي بتيمم الفريضة ما شاء من النوافل قبلها وبعدها، وعند المالكية بعدها لا قبلها.
وهناك حديث قرأت أنه ضعيف. روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { من السنة ألا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى }
سؤالي: هل الأئمة الذين قالوا بالتيمم لكل فريضة أخذوا بهذا الحديث رغم أنه ضعيف؟ أم أنه اجتهاد منهم؟ و هل أكون آثما إذا سألني أحدهم فأفتيته بقول الحنفية الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية بدون ذكر القول الآخر ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن لكل واحد من الطرفين دليل على ما ذهب إليه، ومن ذلك الأثر الذي ذكره السائل، وغالب أدلتهما ظواهر آيات وأحاديث بالإضافة إلى بعض الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم.
قال الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسير الآيات من سورة المائدة 6-26 : المسألة السادسة : هل يجوز أن يصلي بالتيمم الواحد فريضتان أو لا ؟
ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز به فريضتان، أو فرائض ما لم يحدث، وعليه كثير من العلماء. منهم الإمام أحمد في أشهر الروايتين، والحسن البصري، وأبو حنيفة، وابن المسيب، والزهري .
وذهب مالك والشافعي وأصحابهما إلى أنه لا تصلى به إلا فريضة واحدة. وعزاه النووي في شرح المهذب لأكثر العلماء، وذكر أن ابن المنذر حكاه عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، والشافعي، والنخعي، وقتادة، وربيعة، ويحيى الأنصاري، والليث، وإسحاق، وغيرهم .
واحتج أهل القول الأول بأن النصوص الواردة في التيمم ليس فيها التقييد بفرض واحد، وظاهرها الإطلاق، وبحديث: الصعيد الطيب وضوء المسلم.. الحديث. وبقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح : وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . وقوله تعالى: ولكن يريد ليطهركم {المائدة:6}.
واحتج أهل القول الثاني بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : من السنة ألا يصلي بالتيمم إلا مكتوبة واحدة، ثم يتيمم للأخرى، وقول الصحابي من السنة له حكم الرفع على الصحيح عند المحدثين , والأصوليين . انتهى .
وفي فتح الباري عند كلام على ما بوب له البخاري بقوله : باب الصعيد الطيب وضوء المسلم : قال الحافظ بعد أن ذكر بعض ما استدل به الفريقان : وقد اعترف البيهقي بأنه ليس في المسألة حديث صحيح من الطرفين، قال: لكن صح عن ابن عمر إيجاب التيمم لكل فريضة، ولا يعلم له مخالف من الصحابة، وتعقب بما رواه ابن المنذر عن ابن عباس أنه لا يجب، واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب: فإنه يكفيك أي ما لم تحدث أو تجد الماء، وحمله الجمهور على الفريضة التي تيمم من أجلها، ويصلي به ما شاء من النوافل، فإذا حضرت فريضة أخرى وجب طلب الماء فإن لم يجد تيمم. والله أعلم. انتهى .
ثم إنه لا إثم في الإخبار بجواز الإتيان بأكثر من صلاة بتيمم واحد بناء على قول من يوثق بعلمه من أهل العلم والتحقيق، كما هو الحال في هذه المسألة، وإن كان الأخذ بقول الجمهور أولى وأحوط؛ لأن الجميع متفقون على صحة الصلاة الواحدة بتيمم واحد، وليسوا متفقين على صحة أكثر من فريضة بتيمم واحد كما هو معلوم. وانظر الفتوى رقم : 62133. والفتوى رقم : 12699.
والله أعلم.