إذا كانت هذه العادة أي الذبح عند عتبة البيت الجديد من أجل إرضاء الجن وتجنب المآسي والأحداث الكريهة : فهي عادة محرمة بل شرك، وهذا هو الظاهر من تقديم الذبح على النزول بالبيت، وجعله على العتبة على الخصوص. اهـ
هذا، وإن مما يصلح البيوت ويجعل فيها الخير والبركة ويبعد عنها الشياطين والشرور ما يلي :
1- قراءة سورة البقرة، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن البيت الذي تقرأ فيه لا يدخله شيطان. كما تقدم في الفتوى رقم : 57032.
2- الإكثار من صلاة النافلة. كما تقدم في الفتوى رقم : 31122.
3- الإكثار من تلاوة القرآن، وكذا من ذكر الله تعالى عموما، وأذكار الصباح والمساء، ودخول المنزل والخروج منه ونحوها من الأذكار الموظفة خصوصا. وراجع الفتوى رقم : 18755.
4- الحرص على عدم وجود منكرات داخل البيت، أو أشياء محرمة كمشاهدة الأفلام الخليعة، أو صور يحرم نظرها.
وعلى العموم، فإذا كان البيت عامرا بذكر الله تعالى خاليا من المحرمات والمنكرات مع اتصاف أهله بالاستقامة على أوامر الله تعالى، فالمرجو أن تصلح كل أموره، ويكون مباركا على أهله، ويعيشون في سعادة ووئام. وراجع الفتوى رقم : 58076.
والإجتماع لقراءة القرآن عند الانتقال إلى البيت الجديد لا بأس به إذا لم يعتقد أن ذلك سنة متبعة لهذه المناسبة، وإنما يجتمع فيه للقراءة رجاء بركة القرآن العظيم. فهذا أمر مشروع. وراجع الفتوى رقم : 27933.
وأما التكبير والذكر في السور الأخيرة فهو سنة وهو قراءة البزي عن ابن كثير. ويشرع عنده أن تجمع التهليل والحمدلة مع التكبير كما قال ابن الجزري في النشر وابن كثير في التفسير، وقد ذكر ابن الجزري أنه جرت عادة المكيين من القديم بالمداومة عليه في التراويح .
وقال القرطبي : فصل : يكبر القارئ في رواية البزي عن ابن كثير، وقد رواه مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغ آخر والضحى كبر بعد كل سورة تكبيرة إلى أن يختم القرآن، ولا يصل آخر السورة بتكبيرة، بل يفصل بينهما بسكتة. وذكر الحاكم في المستدرك فإني قرأت على عبدالله بن كثير فلما بلغت والضحى قال : كبر حتى تختم وأخبره أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بذلك. هذا حديث صحيح ولم يخرجاه .
ويمكنك أن تطالع المزيد في النشر على القراءات العشر، وفي شروح الشاطبية على القراءات السبع.
فإذا تقرر هذا، وكانت الوليمة لدفع أذى الجن والحسد لا شكرا للمنعم المتفضل فحضورها غير جائز ما لم يكن الحضور لإزالة المنكر وتصحيح العقائد والأفكار الباطلة المتعلقة بها، فإن أمكنك الحضور والحوار مع القوم بكلام علمي تفيدهم فيه، فاحرص على ذلك لأن العوائد المبتدعة لا تموت عادة من أول مرة، ولكنه إذا نوقش أمرها وبين الحق فيها مرات، فإن الحق المبين بحكمة سيدمغ الباطل إن شاء الله.
واعلم أنه قد اختلف في حضور الوليمة عموما. هل يجب في غير النكاح أم لا؟ وجوزوا التخلف إن كان فيها منكر لم يمكن إنكاره.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم : إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها . فيه الأمر بحضورها ولا خلاف في أنه مأمور به، ولكن هل هو أمر إيجاب أو ندب فيه خلاف الأصح في مذهبنا أنه فرض عين على كل من دعي، لكن يسقط بأعذار سنذكرها إن شاء الله تعالى . والثاني : أنه فرض كفاية. والثالث : مندوب . هذا مذهبنا في وليمة العرس. وأما غيرها ففيها وجهان لأصحابنا أحدهما : أنها كوليمة العرس. والثاني : أن الإجابة إليها ندب وإن كانت في العرس واجبة. ونقل القاضي اتفاق العلماء على وجوب الإجابة في وليمة العرس. قال : واختلفوا فيما سواها فقال مالك والجمهور : لا تجب الإجابة إليها. وقال أهل الظاهر : تجب الإجابة إلى كل دعوة من عرس وغيره وبه قال بعض السلف.
وأما الأعذار التي يسقط بها وجوب إجابة الدعوة أو ندبها فمنها أن يكون في الطعام شبهة، أو يخص بها الأغنياء، أو يكون هناك من يتأذى بحضوره معه، أو لا تليق به مجالسته، أو يدعوه لخوف شره، أو لطمع في جاهه، أو ليعاونه على باطل، وأن لا يكون هناك منكر من خمر أو لهو أو فرش حرير أو صور حيوان غير مفروشة أو آنية ذهب أو فضة، فكل هذه أعذار في ترك الإجابة. ومن الأعذار أن يعتذر إلى الداعي فيتركه. اهـ
والله أعلم.