هل الجنين له قدرة على الوعي والإدراك

0 427

السؤال

أين كنت أنا قبل ألف سنة أو أين كان أحياء عصرنا قبل ألف سنة أو في الماضي؟ و لماذا لم نكن نشعر بوجودنا؟ و لماذا لا نبدأ بالوعي و الإدراك إلا بعد الولادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أن استفسار السائل إنما هو عن حقيقة الإنسان بجسده وروحه معا، وهذه كانت معدومة قبل خلقه، وعلى ذلك لا يمكن أن يتوجه السؤال ابتداء، لأن العدم لا يسأل عنه بأين، ومما يدل على العدم قبل الخلق قوله تعالى لنبيه زكريا: وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا {مريم: 9}

قال القرطبي: أي كما خلقك الله تعالى بعد العدم ولم تك شيئا موجودا، فهو القادر على خلق يحيى وإيجاده. اهـ.

 وذكر الرازي في فوائد هذه الآية: أن المعدوم ليس بشيء، وقال: والآية نص في ذلك. اهـ.

وأما إن كان السؤال عن الروح المجردة فراجع الجواب في الفتوى رقم: 121539.

 وأما قول السائل: (لماذا لا نبدأ بالوعي والإدراك إلا بعد الولادة؟) فهذا مما اقتضته حكمة الله تعالى، ورحمته ببني آدم، وهذا واضح من حيث الجملة، إلا أن تفصيله لا نستطيع الخوض فيه لعدم علمنا به.

 وقد قال ابن القيم في (تحفة المودود): الأطفال وهم حمل في الرحم أقوى منهم بعد ولادهم وأصبر وأشد احتمالا لما يعرض لهم. اهـ.

ومما له علاقة بهذا الموضوع ما ذكره ابن القيم أيضا فقال: قد زعم طائفة ممن تكلم في خلق الإنسان أنه إنما يعطى السمع والبصر بعد ولادته وخروجه من بطن أمه، واحتج بقوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) (النحل: 77) واحتج أنه في بطن الأم لا يرى شيئا ولا يسمع صوتا فلم يكن لإعطائه السمع والبصر هناك فائدة. وليس ما قاله صحيحا، ولا حجة له في الآية؛ لأن الواو لا ترتيب فيها، بل الآية حجة عليه، فإن فؤاده مخلوق وهو في بطن أمه، وقد تقدم حديث حذيفة بن أسيد في الصحيح: "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها .." وهذا وإن كان المراد به العين والأذن فالقوة السامعة والباصرة مودوعة فيها، وأما الإدراك بالفعل فهو موقوف على زوال الحجاب المانع منه فلما زال بالخروج من البطن عمل المقتضى عمله اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات