السؤال
في منطقتي توجد مساجد عدة وهي لم تبن بهدف المساجد، والمحراب يكون منحرفا من 55 درجة إلى 70 درجة من القبلة، وجهة مكة من بريطانيا تقع على 18.2 من الشمال. والسبب الوحيد لهذا الانحراف هو راحة المصلين حيث يصفون عموديا من الجدار، أعتقد أن هذا السبب ليس كافيا للانحراف عن القبلة لقيت الأئمة وأخبرتهم عن هذا الموضوع ولكن لم يهتموا بما قلت لهم، وقد اعترفوا أن الانحراف عن القبلة يجب أن لا يزيد عن 45 درجة ومع ذلك لا يهتمون بتصحيح المحراب ما هو رأيكم في ضوء الأدلة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق المسلمون على أن توجه المصلي نحو البيت الحرام شرط من شروط صحة الصلاة إلا في حالتين: حالة العجز عن التوجه، وحالة المتنفل على الدابة. ولا خلاف بينهم أيضا أن من أبصر البيت فإن الفرض عليه التوجه إلى عينه.
أما من كان غير مشاهد له، فإنه يلزمه استقبال جهة البيت لا عينه على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء منهم: أبو حنيفة ومالك وأحمد .
ويؤيد هذا المذهب قول الله سبحانه وتعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) [البقرة:150] . والشطر لغة: الناحية أو الجهة.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وهذا لأهل المدينة النبوية، ومن كانت قبلته على سمتهم، ولسائر البلدان من السعة في القبلة مثل ذلك كبين الجنوب والشمال ونحو ذلك، ولأنه لو كان الغرض قصد عين الكعبة لكان فيه حرج على الناس، والله تعالى يقول: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78] .
وكذلك اتفق المسلمون على أن الصف الطويل في الصلاة هو قطعا أضعاف عرض البيت، ومن كان في آخره فهو يستقبل جهة الكعبة لا عينها، وصلاته صحيحة بالإجماع.
وفي ضوء ما تقدم لا يلزم من كان بعيدا عن الكعبة ولا يراها إلا التوجه إلى جهتها بحيث يغلب على ظنه أن القبلة في الجهة التي أمامه، ولو لم يقدر أنه مقابل لعينها.
وأما من صلى بانحراف 45م عن القبلة، فهو قد جعل القبلة عن يمينه أو عن شماله، فلم تكن القبلة في مواجهته، فلا تصح صلاته، ومن باب أولى تبطل صلاة من صلى بانحراف 55م إلى 70م عن القبلة، وحجة احتواء صفوف المصلى أو المسجد لأكبر عدد من المصلين لا تسوغ هذا الانحراف الذي هو إخلال بشرط من شروط صحة الصلاة.
والله أعلم.