دروس من العهد المكي لواقعنا المعاصر

0 347

السؤال

كما تعلمون فإنه في الحقبة المكية كان جزء من المسلمين ضعفاء مستضعفين، وكانوا يعذبون، ويهانون ولم يلجأ المسلمون خلالها إلى المقاومة المسلحة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يركز في هذه المرحلة على تعليم الصحابة الإسلام، وعلى دعوة غير المسلمين، وكسب حلفاء أقوياء كعمر بن الخطاب وحمزة وقبيلتي الأوس والخزرج وغيرهم.
فهل يمكن اعتبار المسلمين اليوم يعيشون ظروفا تشبه ظروف الحقبة المكية، ويجب عليهم في هذا الزمن الاقتداء بسياسة الرسول صلى الله عليه وسلم التي انتهجها في تلك الفترة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الدعوة الإسلامية مرت بمرحلة ما سمي بالعهد المكي، وكان الأمر الموجه للمسلمين في ذلك العهد هو القيام بالطاعات مع الصبر والكف عن القتال. قال تعالى: ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا {النساء:77}.

ثم أذن لهم بعد الهجرة في القتال فقال تعالى: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير {الحـج:39}، وقال تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين {البقرة:190}.

وعلى المسلمين أن يتعلموا من العهد المكي دروسه ومواقفه، فإن بعض صور هذا العهد تتكرر بين زمان وآخر، ومكان وآخر.

ومن حكم الله تعالى أن مرت الدعوة الإسلامية بمراحل عدة لكي يجد فيها المسلمون على اختلاف أحوالهم قدوة حسنة، وصدق الله القائل: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا {الأحزاب:21}.

وأما هل يمكن اعتبار حال المسلمين اليوم كالعهد المكي، فهذا قد يوجد من بعض نواحيه، وفي بعض البلدان دون بعض.

 وفي كل الأحوال المرجع في تقدير ذلك والعمل بمقتضاه مرده إلى أهل العلم والفهم لا إلى عامة الناس وآحادهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة