السؤال
كنت أتحدث عن شخص فقلت مازحا إنه كان شديد الحرص عند شراء البضائع و كان يتأكد منها و يدقق في ذلك. ثم ندمت على ذلك لأني تذكرت الآية: فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه. ما حكم ما فعلت علما أني مصاب بالوسوسة في هذا الباب جزاكم الله خيرا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصحك بالإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها فإنه يجر إلى شر عظيم، واشغل خواطرك بما يفيدك من علم نافع وعمل صالح وشغل وظيفي تستفيد منه، فإن علاج الوساوس هو الإعراض الكلي عنها، فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع, وهو الإعراض عنها جملة كافية, وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون, وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين, بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها، فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته, واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا, واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا {فاطر:6} ... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأنه يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله, فإذا استشعر ذلك فر عنه. انتهى.
وأما عن الحكم فيما قلت فإن كنت ذكرت هذا الكلام بقصد تنقيص الشخص والسخرية منه فقد فعلت محرما، وعليك التوبة منه وعدم العود لمثله، لأن الغيبة والسخرية من الناس حرام، لقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الأيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. (الحجرات: 11). وقال تعالى : ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم. (الحجرات: 12).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه، التقوى ها هنا، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه. رواه مسلم.
والله أعلم.