السؤال
منذ سنوات وقعت في معصية سرقة صندوق يحتوي على خراطيش حبر من محل وكنت صغيرا ولم أعلم خطورة ما فعلته، أما الآن فعمري 20 سنة وأسعى للالتزام وأريد أن أرد مبلغ الصندوق للمحل، أنا أعرف صاحب المحل لكن المشكلة أنني لا أعلم ما إذا كان هو المساهم الوحيد في شراء الصندوق، لأن المحل يعمل فيه الكثير من الأشخاص، فهل أرد المال لصاحب المحل؟ أم أتصدق به باسم من شارك في ثمنه؟ وأيضا أخذت بعض الحلويات والشكولاتة من مغازة ضخمة، فلمن أرد ثمنها؟ علما أنها مغازة ضخمة جدا وأعتقد أن صاحبها رجل أعمال يهودي يسكن في فرنسا، وأخذت من بيت خالي قميصا أعجبني وقد أصبح باليا الآن، فكيف أرده؟ وآخر سؤال أرجوكم، كل هذا حدث منذ سنوات وقد نشأت في بيئة أفعل فيها ما أشاء ولم يكن أبي وأمي يعيران الجانب الأخلاقي، أو الديني لدي أي اهتمام فلم يأمرني أحد بالصلاة ولم يرشدني أحد إلى الصواب ولم ينهني عن الخطأ، علما بأن أبي ملحد والجانب الأخلاقي لا يعنيه، من الله علي عندما كبرت قليلا بأن أصبحت أفرق بين ما يجب فعله وما لا يجب وبدأت في طريق الالتزام، وسؤالي هو: أنني لا أشعر بالذنب تجاه ما سرقته لأنني أعلم أنني كنت ميتا دينيا في ذلك الوقت، فهل هذا يعوق بيني وبين التوبة النصوح؟ علما بأنني سأعيد المال ولن أسرق أبدا ما حييت، وجزاكم الله ألف خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت بسرقته قبل البلوغ فلا إثم عليك فيه، وفي الحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أصحاب السنن.
لكن عليك ضمانه لأصحابه، لأن سقوط الإثم لايلزم منه سقوط الضمان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
ومن استطعت إيصال الحق إليه كصاحب الصندوق والمغازة والقميص فيلزمك رده إليه وليس لك أن تتصدق به عنه، لأن الصدقة إنما تكون بالحق إذا جهل صاحبه، أو تعذر إيصاله إليه، والمطلوب هو إيصال الحق إلى صاحبه ولو بطرق غير مباشرة فلا يلزمك أن تخبره بكونك سرقته منه فأد قيمة ما أخذته إلى أصحابه ما دمت قد أتلفت عين المأخوذ واستعملته، والقميص البالي ترد قيمته لا عينه البالية إلا أن يسامحك صاحبه فيه، والرجل الكافر يؤدى إليه حقه كغيره، لأن الكافر غير الحربي معصوم المال فلا يجوز أخذه إلا بحق، ورد الحق إلى مالكه، أو وكيله كالشريك في الصندوق المذكور، أو الموظف المختص في المغازة كاف في هذا الأمر وعليك أن تنصح والدك بحكمة وموعظة حسنة فتتلطف معه لعل الله يهديه للحق على يديك وهذا من أعظم البر به وكذلك الأم وأكثر من الدعاء لهما بالصلاح والهداية، وعلى كل فإن فسقهما لا يسقط برهما وتلزم صحبتهما بالمعروف لكن لا تطعهما في معصية الله عز وجل، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا { لقمان: 15}.
وأما التوبة: فلا يحول بينك وبينها شيء وأول خطوة في طريقها هي الإحساس بالذنب والشعور بالتقصير في جنب الله والندم على ما سلف من المعاصي والذنوب، ومن تاب تاب الله عليه، قال سبحانه: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما { الفرقان: 70}.
وقال: قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا { الزمر: 53} .
والله أعلم .