السؤال
ما الحال إن دخل مصلي في صلاة خلف إمام وكان الإمام قائما، وبعد دخول المأموم في الصلاة رفض الإمام أن يؤم المأموم وأبعد المأموم عنه بيده. فماذا يفعل المأموم في هذه الحالة ؟
ما الحال إن دخل مصلي في صلاة خلف إمام وكان الإمام قائما، وبعد دخول المأموم في الصلاة رفض الإمام أن يؤم المأموم وأبعد المأموم عنه بيده. فماذا يفعل المأموم في هذه الحالة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فاعلم أولا أن العلماء مختلفون في نية الإمامة هل هي شرط لصحة الاقتداء أو لا؟ وقد بين النووي مذاهب العلماء في المسألة فقال: فرع في مذاهب العلماء في نية الإمامة: ذكرنا أن المشهور من مذهبنا أنه لا يشترط لصحة الجماعة، وبه قال مالك وآخرون، وقال الأوزاعي والثوري وإسحق تجب، وعن أحمد روايتان كالمذهبين وقال أبو حنيفة وصاحباه إن صلى برجل لم تجب وإن صلى بامرأة أو نساء وجبت. انتهى.
والمشهور من مذهب الحنابلة اشتراط نية الإمامة من أول الصلاة، وأنه لو بدأ الصلاة منفردا لم يجز له تحويل نيته إلى نية الإمامة، والراجح إن شاء الله في الدليل عدم اشتراط نية الإمامة وجواز أن يحول المنفرد نيته إلى نية الإمامة، وراجع الفتوى رقم: 131230 .
فإذا علمت هذا وأن نية الإمامة ليست شرطا في صحة الاقتداء فإنه يجوز الاقتداء بمن لم ينو الإمامة، وإن علم بمكان المقتدي به ولم ينو الإمامة فإن ذلك لا يضر أيضا، ولكن يحصل ثواب الجماعة للمقتدي دونه على الراجح.
قال النووي رحمه الله: والصواب أن نية الإمامة لا تجب ولا تشترط لصحة الاقتداء، وبه قطع جماهير أصحابنا وسواء اقتدى به رجال أم نساء لكن يحصل فضيلة الجماعة للمأمومين وفي حصولها للإمام ثلاثة أوجه (أصحها) وأشهرها لا تحصل، وبه قطع الشيخ أبو محمد الجويني والفوراني وآخرون لأن الأعمال بالنيات (والثاني) تحصل لأنها حاصلة لمتابعيه فوجب أن تحصل له (والثالث) قاله القاضي حسين إن علمهم ولم ينو الإمامة لم تحصل وإن كان منفردا ثم اقتدوا به ولم يعلم اقتداءهم حصل له ثواب الجماعة. انتهى.
ولم نر من تعرض لما إذا أشار إليه بالامتناع من الاقتداء به هل يلزمه أو لا؟ والظاهر أن له أن يقتدي به ليحصل له ثواب الجماعة ولا يلزمه الالتزام بإشارته تلك، لأن غايته ألا ينوي الإمامة والراجح كما مر عدم اشتراط ذلك، ولأن اقتداءه به لا يضره حتى على فرض كونه لا يرى جواز ذلك لأنه يتم صلاته بنية الانفراد فتكون صلاته صحيحة على مذهبه، وقد يقال إن الأولى أن يلتزم بإشارته تلك ويترك الاقتداء به احتراما لمذهبه وحرصا على سلامة صدره ودفعا للمفسدة، ولأنه ربما يكون به مانع من موانع صحة الإمامة كأن يكون أميا أو دائم الحدث ولا يرى صحة إمامته، أو كان متنفلا ولا يرى صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، أو لغير ذلك من الأعذار التي يمكن أن تكون حاملة له على ما صنع. ولكن الأول أولى فلا تترك مصلحة الجماعة المتيقنة لأمر متوهم، وما يخشى من المفسدة يمكن دفعه بأن يبين له مذهبه في المسألة وأنه يرى جواز الاقتداء بمن لم ينو الإمامة وأن ذلك لا يضره ولا يؤثر في صحة صلاته.
والله أعلم.