السؤال
أعلم أن من أسماء الله عز وجل(الأول) وهو أنه أزلي واجب الوجود. وأعلم أن الله لا يشاركه أحد في هذا الكون فالله خالق هذا الكون وهذه السماوات والأرض. وقال الله (ولم يكن له كفوا أحد).. ما معنى ولم يكن له كفوا أحد فقد أتتني شبهة أن معنى هذه الآية أن الله وحده الأزلي ولم يكن له شبيه في هذا الكون، وأنه خالق كل شئ في هذا الكون وربما يكون هناك كون آخر ورب آخر أزلي. أرجو أن تزيلوا عني هذه الشبهة وإثبات أن الله لم يشاركه في أزليته وأوليته أحد في الوجود (ليس في هذا الكون فحسب بل في الوجود من حيث الوجود العام المطلق) أرجو إجابة شافية وافية و جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنصوص القرآن والسنة واضحة وصريحة في أن الله خالق كل شيء. قال سبحانه: وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم * ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل. {الأنعام:101، 102}، وقال تعالى: ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو. {غافر:62}. وقال تعالى: وخلق كل شيء فقدره تقديرا. {الفرقان:2}، وقال: الله خالق كل شيء. [الزمر:62].
وعبارة (كل شيء) عبارة عامة تشمل ما في هذا الكون وما في غيره، فلو وجد كون آخر فليس هناك رب آخر.
فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض ... رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند النوم: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
ومعنى: لم يكن له كفوا أحد أي لم يكن أحد من خلقة مماثلا ولا مشابها له ، لا في أسمائه ولا في صفاته، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى وتقدس كما قال تعالى: ليس كمثله شيء. الشورى:11 وقال تعالى: هل تعلم له سميا { مريم: 65}.
وفي الحديث عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : انسب لنا ربك، فأنزل الله (قل هو الله أحد الله الصمد) فالصمد الذي (لم يلد ولم يولد) لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث.
(ولم يكن له كفوا أحد) قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
واعلم أن مثل هذه الشبه يجب الإعراض عنها والتخلص منها بالتعوذ من الشيطان امتثالا لما جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته. وجاء في سنن أبي داود: فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. ثم ليتفل عن يساره ثلاثا وليستعذ من الشيطان. والحديث حسنه الألباني. وجاء في مسند أبي يعلى عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماوات؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا كان ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله. والحديث قال فيه الشيخ حسين أسد إسناده صحيح.
وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه باب: (ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه). ومما أسند تحته قول النبي صلى الله عليه وسلم: لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء، فمن خلق الله. وكذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال. وقول عمر: نهينا عن التكلف.
والله أعلم.