السؤال
توفي والدي، وترك لنا بيتا ملكا، مبدئيا نحن بنات وذكور، الذكور هم الكبار "أكبرنا سنا ويليهم الإناث" طبيعة الحال تزوجوا أبي زوجهم فأسكن كل واحد في شقة منفصلة في البيت، وبعد الوفاة يقولون إن الشقة هبة، وبالتالي يريدون أخذ الشقة التي يقيمون فيها غير نصيبهم الشرعي، بمعنى أن كل واحد فيهم يريد أن يأخذ 3 شقق في البيت مقابل شقة، وطبعا الشقق في البيت لن تكفي هذه القسمة ولن يأخذ البنات أي شيء . فما حكم الشرع في ذلك ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعله والدكم محتمل للهبة وللعارية، فإن كان أسكن أبناءه الذكور هذه الشقق على سبيل التمليك لهم كانت هبة ، وإن كان أباح لهم مجرد الانتفاع بها دون تمليك تكون عارية . ومرد الحكم في ذلك يكون باعتبار العقد الموثق إن وجد، أو باعتبار تصريح الوالد بذلك وإشهاده عليه. فإن لم يوجد لا عقد موثق ، ولا تصريح معتبر، فالأصل هو بقاء ما كان على ما كان ، فيكون البيت بأكمله بما في ذلك الشقق التي يسكنها الذكور من جملة الميراث ، وينتقل إلى جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية. وكذلك الحكم إن ثبت أنها كانت عارية؛ فإن الإعارة تنتهي بموت المعير.
وأما في حال ثبوت كون هذه الشقق كانت هبة للذكور، ولم يهب الوالد للإناث من أولاده ما يحقق به العدل ، ففي صحة هذه الهبة ثم في نفاذها خلاف بين أهل العلم ، والراجح أن العدل بين الأولاد ـ ذكورا كانوا أو إناثا ـ في الهبة واجب شرعا، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء من ذلك دون مسوغ شرعي. فإن فعل ذلك فالهبة باطلة، وإن مات الوالد قبل أن يعدل ترد إلى التركة بعد مماته عند بعض أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا ؛ طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 107734.
وعلى أي حال فأمر التركات وسائر الحقوق المشتركة، أمور خطيرة وشائكة، فلا بد من رفعها للمحاكم الشرعية ، للنظر فيها والحكم بما يرفع النزاع.
والله أعلم.