السؤال
هل يصح إسلام الصبي المميز، الذي لم يبلغ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد وقع الخلاف بين الفقهاء في صحة إسلام الصبي المميز، والراجح أنه يصح إسلامه؛ لأن الإسلام عبادة محضة تصح من الصبي المميز، كما تصح منه الطهارة والصلاة والصيام والحج.
وقد ذكر ابن قدامة في المغني، خلافهم في هذه المسألة وأدلتهم، ورجح القول بصحة إسلامه.
حيث قال تعليقا على قول الخرقي في المختصر: (والصبي إذا كان له عشر سنين، وعقل الإسلام، فأسلم، فهو مسلم):
وجملته أن الصبي يصح إسلامه في الجملة. وبهذا قال أبو حنيفة، وصاحباه، وإسحاق، وابن أبي شيبة، وأيوب.
وقال الشافعي وزفر: لا يصح إسلامه حتى يبلغ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة؛ عن الصبى حتى يبلغ". حديث حسن.
ولأنه قول تثبت به الأحكام، فلم يصح من الصبي كالهبة؛ ولأنه أحد من رفع القلم عنه، فلم يصح إسلامه، كالمجنون، والنائم، ولأنه ليس بمكلف، أشبه الطفل.
ولنا، عموم قوله عليه السلام: "من قال: لا إله إلا الله. دخل الجنة". وقوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله". وقال عليه السلام: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، حتى يعرب عنه لسانه، إما شاكرا وإما كفورا".
وهذه الأخبار يدخل في عمومها الصبي، ولأن الإسلام عبادة محضة، فصحت من الصبي العاقل، كالصلاة والحج. ولأن الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام، وجعل طريقها الإسلام، وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم، فلا يجوز منع الصبي من إجابة دعوة الله، مع إجابته إليها، وسلوكه طريقها، ولا إلزامه بعذاب الله، والحكم عليه بالنار، وسد طريق النجاة عليه مع هربه منها.
ولأن ما ذكرناه إجماع، فإن عليا -رضي الله عنه- أسلم صبيا، وقال:
سبقتكم إلى الإسلام طرا صبيا ما بلغت أوان حلمي..." انتهى.
ولمعرفة علامات البلوغ، راجعي الفتوى: 10024.
والله أعلم.