السؤال
أريد أن أعرف شيئا هل هذا اليمين متعدد أم يمين واحد بمعنى إذا ذكرت : والله لا أفعل كذا وكذا وكذا. هل هذا يمين واحد؟ أم لكل شيء يمين مختلف عن الآخر؟ أم اليمين المختلف عن الآخر هو الذي أقول والله لا أفعل كذا والله لا أفعل كذا والله لا أفعل كذا؟ فهكذا أكون وضعت أكثر من يمين. فهل فهمت الأمر بشكل صحيح؟ أرجو التوضيح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فمن حلف على أمور مختلفة بيمين واحدة فهي يمين واحدة، وكفارة واحدة، سواء حنث في واحدة منها أو في جميعها.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن من حلف على أمور شتى بيمين واحدة فكفارته كفارة يمين واحدة، كما لو قال: والله لن آكل ولن أشرب ولن ألبس، فحنث في الجميع فكفارته واحدة، لأن اليمين واحدة والحنث واحد، فإنه بفعل واحد من المحلوف عليه يحنث وتنحل اليمين. اهـ
أما من حلف فقال: والله لا أفعل كذا، والله لا أفعل كذا، والله لا أفعل كذا. فإنه يعتبر يمينا واحدة تلزم بها كفارة واحدة إن قصد تأكيد اليمين، إذا كان حلف على شيء واحد، وأما إن حلف على أشياء مختلفة فحنث في واحدة منها فعليه كفارة، وإن حنث في الجميع تعددت الكفارة كما قال القرافي في الذخيرة : والقائل والله لا دخلت هذا الدار، والله لا كلمت فلانا. تعددت الكفارة لتعدد اليمين، ولو كرر اليمين على شيء واحد في مجلس واحد أو مجالس فكفارة واحدة حتى ينوي التأسيس. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن حلف أيمانا على أجناس فقال: والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست. فحنث في واحدة منها فعليه كفارة، فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى لزمته كفارة أخرى، لا نعلم في هذا أيضا خلافا، لأن الحنث في الثانية تجب به الكفارة بعد أن كفر عن الأولى فأشبه ما لو وطئ في رمضان فكفر ثم وطئ مرة أخرى، وإن حنث في الجميع قبل التكفير فعليه في كل يمين كفارة. هذا ظاهر كلام الخرقي ورواه المروذي عن أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم. وقال أبو بكر: تجزئه كفارة واحدة، ورواها ابن منصور عن أحمد. قال القاضي : وهي الصحيحة، وقال أبو بكر: ما نقله المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه، وهو قول إسحاق لأنها كفارات من جنس، فتداخلت كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها بأن يسرق من جماعة أو يزني بنساء، ولنا أنهن أيمان لا يحنث في إحداهن بالحنث في الأخرى فلم تتكفر إحداهما بكفارة الأخرى كما لو كفر عن إحداهما قبل الحنث في الأخرى، وكالأيمان المختلفة الكفارة وبهذا فارق الأيمان على شيء واحد، فإنه متى حنث في إحداهما كان حانثا في الأخرى، فإن كان الحنث واحدا كانت الكفارة واحدة، وها هنا تعدد الحنث فتعددت الكفارات، وفارق الحدود فإنها وجبت للزجر وتندرئ بالشبهات بخلاف مسألتنا، ولأن الحدود عقوبة بدنية فالموالاة بينها ربما أفضت إلى التلف فاجتزئ بأحدها، وها هنا الواجب إخراج مال يسير، أو صيام ثلاثة أيام. فلا يلزم الضرر الكثير بالموالاة فيه ولا يخشى منه تلف. اهـ .
والله أعلم.