السؤال
هل يصح الزواج من امرأة وهي مطلقة ولم تظهر ورقة الطلاق؟ وهل يصح الزواج من امرأة على يد أحد الأصدقاء، وذلك لأن الزواج في السر بموافقة الطرفين؟.
هل يصح الزواج من امرأة وهي مطلقة ولم تظهر ورقة الطلاق؟ وهل يصح الزواج من امرأة على يد أحد الأصدقاء، وذلك لأن الزواج في السر بموافقة الطرفين؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فمن ادعت أنها مطلقة من زواج سابق ولم تأت بما يثبت طلاقها يجوز الزواج منها عند الحنفية والمالكية من غير أن تحتاج إلى إثبات طلاقها، قال السرخسي في المبسوط ـ وهو حنفي: وإذا قالت: طلقني زوجي، أو مات عني وانقضت عدتي حل لخاطبها أن يتزوجها ويصدقها، لأن الحل والحرمة من حق الشرع، وكل مسلم أمين مقبول القول فيما هو من حق الشرع، إنما لا يقبل قوله في حق الغير إذا أكذبه من له الحق، ولا حق لأحد هنا فيما أخبرت به، فلهذا جاز قبول خبرها في ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب. انتهى.
وفى فتاوى عليش المالكي: ما قولكم: في امرأة حضرت من الفيوم إلى القليوبية وقالت كنت متزوجة في الفيوم، وطلقني زوجي منذ شهرين، ومعها وثيقة متضمنة طلاقها وتاريخه بختم نائب القاضي في البلد الذي كانت فيه، وأرادت التزوج بعد وفاء العدة من تاريخ الوثيقة، فهل تمكن من ذلك؟ أفيدوا الجواب، فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله نعم تمكن من ذلك، لأنها مصدقة في دعواها الطلاق وانقضاء العدة في الصورة المذكورة خصوصا وقد ترجحت دعواها بوثيقة القاضي هذا مفاد النصوص لكن ينبغي زيادة التثبت في هذا الأمر الآن، لما شوهد كثيرا من تخليط النساء وتزويجهن أزواجا معا، نسأل الله السلامة والعافية. انتهى.
والمعتمد عند الشافعية التفصيل، ففي فتاوى الرملي الشافعي: والحاصل أن المعتمد أن المرأة إذا ادعت طلاقا من نكاح معين لا يزوجها الحاكم حتى تثبت، أو غير معين فله اعتماد قولها، وقد قيل غير ذلك. انتهى.
ولم نقف على كلام للحنابلة في المسألة.
وبناء على ما تقدم، فيجوز تقليد الحنفية والمالكية والزواج من تلك المرأة من غير الحصول على ما يثبت طلاقها من وثيقة، أو شهادة عدلين، وإن كان الأولى التحري والتثبت في الأمر ـ خروجا من خلاف أهل العلم ـ حتى يظهر ما يدل على صدقها من وثيقة صحيحة تثبت الطلاق، أو شهادة عدلين بذلك، فالطلاق لا يثبت إلا بعدلين، قال ابن قدامة في المغني: لأن الطلاق ليس بمال، ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فلم يقبل فيه إلا عدلان كالحدود والقصاص. انتهي.
وبخصوص عقد الزواج سرا عند أحد الأصدقاء فهذا يحتمل عدة أمور:
1ـ اتفاق الرجل والمرأة سرا فقط، فهذا هو الزنا بعينه، ولا يجوز بحال من الأحوال.
2ـ أن يكون النكاح مستوفيا للشروط والأركان، إلا أنه لم يعلن ـ أي لم يضرب عليه بالدف ـ أو كتم عن بعض الناس، فهذا نكاح صحيح وجائز على قول الجمهور، جاء في المغني لابن قدامة: فإن عقده بولي وشاهدين فأسروه, أو تواصوا بكتمانه, كره ذلك, وصح النكاح، وبه يقول أبو حنيفة, والشافعي, وابن المنذر وممن كره نكاح السر عمر ـ رضي الله عنه ـ وعروة, وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة, والشعبي, ونافع مولى ابن عمر وقال أبو بكر عبد العزيز النكاح باطل، لأن أحمد قال: إذا تزوج بولي وشاهدين: لا, حتى يعلنه، وهذا مذهب مالك. انتهى.
3ـ أن يتم عقد النكاح بدون حضور ولي المرأة، أو من ينوب عنه مع توفر باقي أركان العقد فهذا باطل عند الجمهور صحيح عند الإمام أبي حنيفة، كما يصح ويمضي إذا حكم بصحته قاض شرعي، وراجع الفتوى رقم: 47816.
والله أعلم.