السؤال
شيخنا الكريم سؤالي لكم هو: ما هو ضابط الحركة التي لا تبطل بها الصلاة؟ فإننا نرى خصوصا في صلاة التراويح بعض الناس يضطرون لسد فرجة في الصف الأمامي ولكي يصل إليه يقوم بخمس أو ست خطوات لاتساع المسجد وهو داخل الصلاة؟ وهل كثرة الخطوات داخل الصلاة تبطلها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في ضابط الحركة التي تبطل الصلاة، فقيل: يقدر ذلك بالعرف: بمعنى العادة، وهو ما اعتاده الناس وألفوه.
وقيل: الضابط في ذلك: هو ما يخيل للناظر أن فاعله ليس في الصلاة، فهذا هو الذي ينافي الصلاة، أما الشيء الذي لا ينافيها، كالحركة اليسيرة، فلا تبطل بها الصلاة، جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: فشروط بطلان الصلاة بالحركة ثلاثة:
1ـ أن تكون طويلة عرفا.
2ـ أن لا تكون لضرورة.
3ـ أن تكون متوالية، أي: بغير تفريق.
فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة في الفعل صار مبطلا للصلاة، لأنه حركة في غير جنس الصلاة، وهي منافية لها كالكلام، لأن الذي ينافي الصلاة يبطلها. انتهى.
وبخصوص قيام المصلي بخمس خطوات أو ست لسد فرجة فيعتبر من الفعل الكثير المبطل للصلاة عند الشافعية بشرط أن تكون الخطوات متوالية، جاء في المجموع للنووي: وأما ما عده الناس كثيرا كخطوات كثيرة متوالية وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة، قال أصحابنا على هذا الفعلة الواحدة كالخطوة والضربة قليل بلا خلاف والثلاث كثير بلا خلاف. انتهى.
ولا تبطل الصلاة عند بعض الحنفية بمشي المصلي لسد فرجة في الصف الذي أمامه، فإن كان المشي لغير الصف الذي يليه مباشرة من غير توقف بطلت صلاته، جاء في الموسوعة الفقهية: وقال بعض مشايخ الحنفية في رجل رأى فرجة في الصف الذي أمامه مباشرة فمشى إلى تلك الفرجة فسدها لا تفسد صلاته، ولو مشى إلى صف غير الذي أمامه مباشرة فسد فرجة فيه تفسد صلاته. انتهى.
ولا تبطل الصلاة عند المالكية بالمشي قدر ثلاث صفوف لسد فرجة، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: ولا سجود في مشي المصلي الصفين والثلاثة لأجل سترة يستتر بها أو لأجل فرجة يسدها أو لأجل دفع مار بين يديه وإن بعد أشار إليه، ... انتهى.
فتبين من هذه النقول أن مشي المصلي خمس خطوات أو ستا هو من الفعل الكثير ومبطل للصلاة عند كثير من أهل العلم، وهذا كاف للنهي عنه، فالعاقل لا يجعل عبادته محل خلاف بين أهل العلم أو محل شك في صحتها وراجع المزيد في الفتوى رقم: 95922.
والله أعلم.