القرين...ماهيته...وسائله في الغواية..وحاله مع نبي الله

0 754

السؤال

هل حقا أن لكل إنسان قرينا؟ وهل القرين هو من الجان؟ وكيف يمكن السيطرة عليه ليكون طيبا وليس كافرا؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد ثبت شرعا أن لكل إنسان قرينا من الشياطين، قال سبحانه: (قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد) [ق:27] ، وقد ذكر القرطبي أن القرين في الآية هو: الشيطان، وحكى المهدوي : عدم الخلاف في هذا.
وأخرج أحمد ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن". قالوا: وإياك؟ يا رسول الله قال "وإياي. إلا أن الله أعانني عليه فأسلم. فلا يأمرني إلا بخير" .
وأخرج مسلم أيضا عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا. قالت فغرت عليه. فجاء فرأى ما أصنع. فقال: "ما لك؟ يا عائشة أغرت؟" فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقد جاءك شيطانك؟" قالت: يا رسول الله! أو معي شيطان؟! قال: "نعم" قلت: ومع كل إنسان؟ قال: "نعم" قلت: ومعك؟ يا رسول الله قال "نعم. ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم".
والمقصود بالقرين شيطان يقترن بابن آدم، ويسعى جاهدا ليضله عن سواء السبيل، ولا يمكن للمسلم أن يسيطر على قرينه ويدخله في الإسلام، لأن الله سبحانه جعل ذلك ابتلاء للعبد، ليعلم المؤمن من غيره، وقرين النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمن ويصبح مسلما على الراجح من أقوال أهل العلم، وإنما استسلم له وانقاد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فأسلم" روي برفع الميم وفتحها، فعلى الرفع فهو فعل مضارع، ويكون المعنى: أسلم من شره وفتنته، وعلى الفتح، فهو فعل ماض ويحتمل معنيين:
الأول: أنه أسلم ودخل في الإسلام، وهذا مدفوع كما سيأتي.
الثاني: أن أسلم هنا بمعنى: استسلم وانقاد. وقد جاءت الرواية كهذا في غير صحيح مسلم، كما قال النووي في شرحه.
وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية عدم إسلام قرين النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: أي استسلم وانقاد، وكان ابن عيينه يرويه فأسلم بالضم، ويقول: إن الشيطان لا يسلم، لكن قوله في الرواية الأخرى: فلا يأمرني إلا بخير، دل على أنه لم يبق يأمره بالشر، وهذا إسلامه، وإن كان ذلك كناية عن خضوعه وذلته لا عن إيمانه بالله، كما يقهر الرجل عدوه الظاهر ويأسره، وقد عرف العدو المقهور أن ذلك القاهر يعرف ما يشير به عليه من الشر فلا يقبله، بل يعاقبه على ذلك، فيحتاج لانقهاره معه إلى أنه لا يشير عليه إلا بخير لذلته وعجزه لا لصلاحه ودينه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا أن الله أعانني عليه، فلا يأمرني إلا بخير" انتهى.
وعلى كل، فعلى المسلم مدافعة هذا الشيطان، وهذا هو المطلوب منه شرعا، وهو أمر مقدور عليه، وهذا القرين تارة يوسوس بالشر، ولذا جاء الأمر بالاستعاذة من شر وسوسته في سورة الناس: (من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس) [الناس:3-6] .
وتارة ينسي الخير، قال سبحانه: (فأنساه الشيطان ذكر ربه) [يوسف:42] .
وتارة يعد ويمني، قال تعالى: (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) [النساء:120] .
وتارة يقذف في القلب الوسوسة المرعبة، قال سبحانه: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) [آل عمران:175] .
فكيده محصور في ما ذكرنا.
فاستعن بالله على مدافعته، والانتصار عليه، وانظر في ذلك الجواب رقم: 4403.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة