السؤال
هل الزوجة تتقابل مع زوجها بعد يوم الحساب؟ أم أنه يتزوج من الحور العين وينساها؟ وإذا لم تقابله فماذا يكون مصيرها؟ أقصد إذا كان هو للحور العين فقط فهي ستكون لمن؟ وهل لو تزوجت مرتين تكون مع آخر رجل تزوجته؟ أم تخير بينهما؟ وما هو مصيرها إذا لم تتزوج فى الدنيا؟ وماذا أيضا لو إذا كان زوجها في الدنيا لا تحبه وتزوجته إرضاء لوالديها وتحب شخصا آخر أو تشعر لديه بمشاعر ما، فهل ستكون لزوجها الذي تزوجته في الدنيا؟ أم أن الله سيقابلها بمن تحبه وتكن له مشاعر وتتذكره أحيانا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من عظيم فضل الله تعالى أن المؤمن إذا دخل الجنة، فإن كانت زوجته صالحة فإنها تكون زوجته في الجنة، ويرفع الأدنى منزلة إلى الأعلى منه، منة من الله تعالى وإحسانا، ودليل هذا قول الله تعالى: جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم {الرعد: 23}. وقوله تعالى: ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون {الزخرف: 70}.
قال ابن كثير في تفسيره للآية الأولى:أي يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين لتقر أعينهم بهم حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى امتنانا من الله وإحسانا من غير تنقيص للأعلى عن درجته، كما قال تعالى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم {الطور: 21}.
وأما إذا تزوجت المرأة أكثر من زوج، ودخل جميعهم الجنة، فالراجح أنها لآخر أزواجها، لما رواه البيهقي في سننه أن حذيفة قال لزوجته: إن شئت تكوني زوجتي في الجنة فلا تزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا. فلذلك حرم الله على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة.
وقيل تكون لأحسن أزواجها خلقا، وقيل بل تخير إذا كانت المرأة قد تزوجت أكثر من زوج، أما إذا لم يكن لها إلا زوج واحد، فهي له دون غيره، قال ابن حجر الهيثمي : في الزواجر: من ماتت في عصمة إنسان فهي له دون غيره، بخلاف من ماتت لا في عصمة أحد. اهـ.
وأما ما كان من الكراهة والتنافر بين الزوجين في الدنيا فإن الله يزيله عنهما في الجنة، لأن من تمام تكريم الله لأهل الجنة نزعه ما في صدورهم من التباغض، قال تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين [الحجر:47].
فالله تعالى يقذف في قلوب أهل الجنة حب بعضهم لبعض، وينزع من قلوبهم الضغينة والحقد، ويحبب الأزواج إلى الزوجات حتى يصير الزوج أحب إلى قلب زوجته من أي أحد آخر، وتصير الزوجة أحب إلى قلب زوجها من أي أحد آخر.
وأما من لم تتزوج فإنها تزوج بمن شاء الله تعالى لأنه لا يوجد في الجنة أعزب لا ذكرا ولا أنثى، لما رواه مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما في الجنة أعزب. قال ابن منظور في لسان العرب: العزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء. اهـ
والله أعلم.