علاج وسوسة الكفر والطهارة

0 444

السؤال

عمري 15 سنة، كنت في بداية عمري أؤخر الصلوت وهكذا إلى أن من الله علي ودخلت تحفيظ القرآن الكريم، فمن هنا كانت نيتي حفظ كتاب الله، وكنت أعيش حياة رائعة تملؤها لذة الإيمان، وبدأت في الالتزام، ومع مرور الأيام بدأت تأتيني الغازات، وأصبحت أوسوس تدريجيا إلى أن وصلت إلى الغسل، فأصبحت أغتسل في 3 ساعات تقريبا، ومع مرور الأيام عالجت هذه المشكلة، وبعد ذلك مرة تركت صلاة المغرب متعمدا إلى أن خرج وقتها، فقلت في نفسي لقد اختلف العلماء في ذلك لكني أخاف أن أكون كافرا لأقوال بعض أهل العلم، وبعد ذلك دخل الشيطان بي إلى السحر والشعوذة، فقلت بسبب أني خاف أن أكفر أو أعتقد اعتقادا يوصلني إلى الكفر، قلت كل ما يصنعه السحرة كذب حتى إنهم لا يخدعون أعين الناس، وبعد ذلك تذكرت آية أنهم يخدعون أعين الناس، قلت في نفسي أني قلت قولا مخالفا للقرآن يعني أنا كافر، ثم تدرج الأمر إلى أن وصل بي إلى مشكلة لم أستطع حلها، وهي خوفي من المخلوقات أكثر من الله، فأخاف أن أكون خرجت من الملة مثل(ظلمات البحر إذا تخيلت أني هناك وحيدا، الأسد، التمساح لو هجم علي، الجن) مع علمي أنه خوف جائز(طبيعي) لكن المشكلة أني أخاف منه أكثر من خوفي من الله، بعد ذلك لم أستطع أن أنطق الشهادة بسبب أن الشيطان أدخلني في مداخل لا أستطيع حلها كما ذكرت سابقا كالخوف والسحر.. فقلت كيف أسلم وأنا مشرك فأنا أخاف من المخلوقات أكثر من الله، فتركت الصلاة خوفا من أن أكون كافرا وربي يعاقبني لأني لست بمسلم، ثم عدت إليها لكن في نيتني إعادتها لأني شاك هل أنا مسلم أو كافر بعد أن أنطق الشهادة وأتوب إلى الله، قلت لكم قصتي الآن أريد أن تجاوبني على أسئلتي، أنا أعلم قوانين السؤال أن يكون واحدا لكن الموضوع هذا جدا مهم ولاملجأ بعد الله إلا أنتم.
1-كنت قبل الوسوسة أي في أيامي العادية أهمز على أهل العلم، ثم بعد أن عرفت أنه كفر أحسست بألم شديد في قلبي وحزن شديد جدا. هل هذا يكفي بأن أصبح مسلما؟
2-كنت في بعض الأحيان أصلي السنة خوفا من أن يقال علي منافق، وبعض الأحيان يجبرني الأساتذة على صلاتها. هل أنا كافر؟
3-من خلال قصتي التي ذكرتها آنفا عند بداية الوسوسة إلى نهايتها هل أنا كافر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فهنيئا لك بما من الله به عليك من توفيقك للتوجه إليه والإقبال على طاعته، والاهتمام بحفظ القرآن، ونسأله سبحانه أن يصرف عنك هذه الوساوس، وأن يثبتك على الهداية حتى تتحرر من تسلط الشيطان عليك، ونفيدك بأنك لست كافرا ، بل أنت مؤمن إن شاء الله. ويشهد لإيمانك ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان.

قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.

واعلم  أن هذه الوساوس  ابتلاء عظيم، إلا أن شأن الصلاة أعظم، فلا يجوز تركها بسبب هذه الوساوس، وإنما الواجب مدافعة الوسوسة والاجتهاد في ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يستسلم لهذه الوسوسة التي تعرض له في طهارته ، أو في صلاته،  أو غير ذلك. لأنها من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت، ويصبر، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا ، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب؟! اهـ.

وأما العلماء فيجب احترامهم لما في سنن أبي داود عن أبي موسى الأشعري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه...

وقال صلى الله عليه وسلم في بيان فضلهم: العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وقال الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله: اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم {النور: 63}.

ولكنه ليس مجرد الضحك عليهم موقعا في الردة، لأن الردة هي شرح الصدر للكفر، ولأن من دخل في الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين.

 وقد قال الملا علي قاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد على إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم. انتهى.

وأما العمل بالصالحات خوفا من كلام الناس فلا يكفر به بل هو من الرياء المحرم وهو معدود من الشرك الأصغر ولكنه لايخرج من الملة. فقد قال الإمام ابن القيم: ‏‏وأما الشرك الأصغر: فكيسير الرياء، والتصنع للخلق، والحلف بغير الله… وقول الرجل ‏للرجل: ما شاء الله وشئت. مدارج السالكين.  

  وقد بينا أقسام الخوف ويمكنك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 2649، ومنها يتبين لك أن هذا النوع من الخوف لا يعد شركا، ولكنه إذا زاد على المعتاد كان مذموما.

  والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة