السؤال
في أحد أشهر رمضان وصف لي الطبيب قطرة أنف وقطرة أذن، فكنت أضع قطرة الأنف مرتين الأولى بعد الإفطار والثانية عند السحور قبل أذان الصبح، لكن كنت أحس بعد أذان الصبح بشيء في حلقي، فهل صيامي صحيح، وفيما يخص قطرة الأذن كنت أضعها ثلاث مرات في اليوم يعني أحدها على الأقل في النهار، و كنت أحس بشيء في حلقي أيضا، فهل صيامي صحيح؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي عليه جمهور الفقهاء أن تقطير الدواء في الأذن في نهار رمضان مفطر كما أن ما وصل للحلق عن طريق الأنف مفطر أيضا، وعليه فيجب على الصائم اجتناب استعمال قطرات الأنف والأذن في نهار رمضان بناء على القول بفساد الصيام بكل ما يصل إلى الجوف من أي منفذ، ولذا فقد كان على السائل أن يؤخر استعمال قطرة الأذن بالنهار إن لم يترتب على تأخيرها إلى الليل مرض أو زيادته أو تأخر برء وإلا جاز استعمالها نهارا ويكون مفطرا بسبب المرض، ففي الإقناع في حل أبي شجاع في الفقه الشافعي: والتقطير في باطن الأذن مفطر. انتهى.
وفي المغني لابن قدامة: الفصل الثالث: أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته إذا وصل باختياره وكان مما يمكن التحرز منه سواء وصل من الفم على العادة أو غير العادة كالوجور واللدود أو من الأنف كالسعوط أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء، وهو الأصح عند الشافعية إلى فساد الصوم بتقطير الدواء أو الدهن أو الماء في الأذن، وقال النووي: لو صب الماء أو غيره في أذنيه، فوصل دماغه أفطر على الأصح عندنا، ولم ير الغزالي الإفطار بالتقطير في الأذنين. انتهى.
أما ما يجد من طعم قطرة الأنف التي استعملها ليلا بالنهار فهوغير مفطر، لأن مجردالطعم غير مفطرعند الكثير من الفقهاء ولو وجد في الحلق، ففي فتح الوهاب شرح منهج الطلاب في الفقه الشافعي وهو يذكر الأشياء التي تفسد الصيام: وترك وصول عين، لا ريح ولا طعم من ظاهر. انتهى.
لكن ينبغي التحرزمن ابتلاعه بعد التمكن من مجه، لأن من أهل العلم من يرى الفطر بوجود الطعم في الحلق، ففي الكافي في فقه الإمام أحمد: وإن وجد طعم ما لا يتحلل منه شيء في حلقه ففيه وجهان: أحدهما: يفطره كالكحل. والثاني: لا يفطره، لأن مجرد الطعم لا يفطره كمن لطخ باطن قدميه بالحنظل فوجد مرارته في حلقه لم يفطره، وإذا لم يبتلع ما نفذ إلى الحلق لم يفطر بذلك على كل حال. اهـ
ويرى بعض العلماء أن قطرة الأذن والعين غير مفطرة ولو وصلت إلى الجوف، لعدم وجود نص يدل على كونها مفطرة، ولأنها ليست واصلة من منفذ الأكل والشرب، وعلى هذا القول فلا يفطر السائل بقطرة الأذن نهارا مع أن الأحوط القضاء في مثل هذه المسائل المختلف فيها، فقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عن قطرة العين والأنف والاكتحال والقطرة في الأذن هل تفطر الصائم؟ فأجاب: جوابنا على هذا أن نقول: قطرة الأنف إذا وصلت إلى المعدة فإنها تفطر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث لقيط بن صبرة: بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ـ فلا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته، وأما ما لا يصل إلى ذلك من قطرة الأنف فإنها لا تفطر، أما قطرة العين ومثلها أيضا الاكتحال وكذلك القطرة في الأذن فإنها لا تفطر الصائم، لأنها ليست منصوصا عليها، ولا بمعنى المنصوص عليه، والعين ليست منفذا للأكل والشرب، وكذلك الأذن فهي كغيرها من مسام الجسد. انتهى.
وفي جواب للشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ في نفس الموضوع: قطرة العين والأذن لا يفطر بهما الصائم في أصح قولي العلماء، فإن وجد طعم القطور في حلقه، فالقضاء أحوط ولا يجب، لأنهما ليسا منفذين للطعام والشراب، أما القطرة في الأنف فلا تجوز، لأن الأنف منفذ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ـ وعلى من فعل ذلك القضاء لهذا الحديث، وما جاء في معناه إن وجد طعمها في حلقه، والله ولي التوفيق. انتهى.
والله أعلم.