السؤال
في موقع للنصارى يذكرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم ـ والعياذ بالله ـ كان شاذا، لأنه كان يمص لسان الحسن وعلي بن أبي طالب وفاطمة ويستشهدون على ذلك بأحاديث عند الترمذي وأحمد وأبي داود وغيرهم، فما هو الرد العلمي على ذلك بدون تعصب أو شتائم بارك الله فيكم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حديث: مص النبي صلى الله عليه وسلم لسان الحسن ـ فقد رواه أحمد في مسنده عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو قال شفته ـ يعني الحسن بن علي ـ صلوات الله عليه، وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما بالنسبة لعلي ـ رضي الله عنه ـ فالذي اطلعنا عليه ما أورده علي بن برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية نقلا عن الزمخشري حيث قال: وفي خصائص العشرة للزمخشري أن النبي صل الله عليه وسلم تولى تسميته بعلي وتغذيته أياما من ريقه المبارك بمصه لسانه، فعن فاطمة بنت أسد أم علي ـ رضي الله تعالى عنها ـ أنا قالت: لما ولدته سماه عليا وبصق في فيه ثم إنه ألقمه لسانه، فما زال يمصه حتى نام قالت فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد فدعونا له محمدا صلى الله عليه وسلم فألقمه لسانه فنام فكان كذلك ما شاء الله عز وجل.
وأما فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فالمعروف عنها تقبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
والحديثان الأول والثالث صحيحان.
وأما قصة علي ـ رضي الله عنه ـ فهي غير مسندة حتى يتم الحكم على إسنادها، كما أنها وردت في بعض كتب السيرة، والمعروف عن كتب السيرة أنها تجمع بين الغث والسمين، وعلى كل حال فليس في هذه الأحاديث إشكال أصلا، ولا يتحقق بها غرض من راموا الطعن في رسول الله عليه الصلاة السلام، الطاهر المبرأ من الذنوب والآثام، فمما جاء في ملتقى أهل السنة لأحد الباحثين وهو أبو خالد السلمي تعليقا على حديث الحسن بن علي قوله: هذا الحديث استغله بعض المنصرين الحاقدين للطعن في جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانطلى مكرهم على بعض المفتونين، فدخل الريب قلوبهم، وما أتي هؤلاء إلا من قبل انتكاس فطرتهم، فهؤلاء الإفرنج الأنجاس، لا مانع عندهم أن يعانق رجل امرأة أجنبية عنه في قارعة الطريق ويقبلها في فمها وحيث يشاء، ويمرون بجوارهما لا يحركون ساكنا ولا يرون أي غضاضة في ذلك، بينما لو قبل مسلم ابنه أو ابنته قبلة رحمة ومداعبة نظروا إليه نظر ريبة، فلذا يفسرون هذا الحديث تفسيرا مشينا، لأن كل إنسان يرى الناس بعين طبعه، بينما الواقع أن الحديث من مناقب المصطفى صلى الله عليه وسلم لما فيه تقبيله لابنه الحسن ومداعبته إياه يرحمه ويلاطفه، فأي عاقل ذي فطرة مستقيمة لا يمكن أن يفهم من الحديث سوى هذا. اهـ.
وقال معلقا على قصة علي ـ رضي الله عنه: بالنسبة للرواية الثانية فطبعا المتن غير مستنكر، فريق النبي بركة وعلي كان طفلا صغيرا، أما من ناحية الصحة من عدمه فنجد..... اهـ
ثم ذكر بعض المآخذ عليها من جهة السند منها ما أشرنا إليه سابقا، وحال هؤلاء الناس ـ نعني هؤلاء النصارى ـ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال القائل:
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
وبدلا من شغلهم وقتهم بمثل هذا كان الأولى بهم أن يلتفتوا إلى ما في أناجيلهم من أباطيل وتناقضات تدل على أنهم على دين باطل، وأن الإسلام هو الدين الحق فيؤمنوا به وتخبت له قلوبهم كما فعل كثير من المنصفين، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 53029، ففيها شيء من البيان عن بطلان الديانة النصرانية وتناقض الأناجيل.
وننبه كل مسلم ليس عنده من العلم ما يصونه عن التأثر بالشبهات إلى أن يحذر من الدخول إلى مثل هذه المواقع التي تبث فيها السموم وتوضع فيها وبالات الأفكار.
والله أعلم.