معيار الاستطابة والاستخباث في الأطعمة والأشربة

0 276

السؤال

ورد لفظ الطيبات والخبائث في القرآن الكريم فيما يختص بالمطعومات والمشروبات. فما هو المعنى الراجح لكل منهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

  فإن الراجح في هذا هو اعتبار ما  استطابه واستلذه العرب أو استخبثوه. 

 فقد قال ابن قدامة في المغني: مسألة ; قال : والمحرم من الحيوان , ما نص الله تعالى عليه في كتابه, وما كانت العرب تسميه طيبا فهو حلال, وما كانت تسميه خبيثا فهو محرم ; لقول الله تعالى : ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. يعني بقوله : ما سمى الله تعالى في كتابه . قوله سبحانه : حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به . وما عدا هذا , فما استطابته العرب , فهو حلال ; لقول الله تعالى : ويحل لهم الطيبات . يعني يستطيبونه دون الحلال , بدليل قوله في الآية الأخرى : يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات. . ولو أراد الحلال لم يكن ذلك جوابا لهم. وما استخبثته العرب فهو محرم ; لقول الله تعالى : ويحرم عليهم الخبائث. والذين تعتبر استطابتهم واستخباثهم هم أهل الحجاز , من أهل الأمصار ; لأنهم الذين نزل عليهم الكتاب , وخوطبوا به وبالسنة , فرجع في مطلق ألفاظهما إلى عرفهم دون غيرهم, ولم يعتبر أهل البوادي ; لأنهم للضرورة والمجاعة يأكلون ما وجدوا ....اهـ.

وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا : من الأصول المعتبرة في هذا الباب الاستطابة والاستخباث, والمعتمد فيه قوله تعالى: { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث }. وقوله تعالى : { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } قال أصحابنا وغيرهم : وليس المراد بالطيب هنا الحلال , لأنه لو كان المراد الحلال لكان تقديره أحل لكم الحلال , وليس فيه بيان , وإنما المراد بالطيبات ما يستطيبه العرب , وبالخبائث ما تستخبثه . قال أصحابنا : ولا يرجع في ذلك إلى طبقات الناس, وينزل كل قوم على ما يستطيبونه أو يستخبثونه, لأنه يؤدي إلى اختلاف الأحكام في الحلال والحرام واضطرابها, وذلك يخالف قواعد الشرع, قالوا: فيجب اعتبار العرب, فهم أولى الأمم بأن يؤخذ باستطيابهم واستخباثهم لأنهم المخاطبون أولا , وهم جيل معتدل لا يغلب فيهم الانهماك على المستقذرات ولا العفافة المتولدة من التنعم فيضيقوا المطاعم على الناس . قالوا : وإنما يرجع إلى العرب الذين هم سكان القرى والريف دون أجلاف البوادي الذين يأكلون ما دب ودرج من غير تمييز وتغيير عادة أهل اليسار والثروة دون المحتاجين, وتغيير حالة الخصب والرفاهية دون الجدب والشدة. قال الرافعي : وذكر جماعة أن الاعتبار بعادة العرب الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الخطاب لهم , قال : ويشبه أن يقال : يرجع في كل زمان إلى العرب الموجودين فيه .... اهـ

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة