السؤال
قرأت في أحد الردود على الفتاوى في موقعكم المبارك هذا أن العبد يجب ألا يظن أنه عند الله بمكان. فأرجو توضيحا لمعنى هذه الجملة؟ وهل إن كنت أثق في أمر ما أن الله سوف ينصرني ويؤيدني بنصر من عنده وفرج أني بذلك أظن أني عند الله بمكان ؟!!
قرأت في أحد الردود على الفتاوى في موقعكم المبارك هذا أن العبد يجب ألا يظن أنه عند الله بمكان. فأرجو توضيحا لمعنى هذه الجملة؟ وهل إن كنت أثق في أمر ما أن الله سوف ينصرني ويؤيدني بنصر من عنده وفرج أني بذلك أظن أني عند الله بمكان ؟!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الغزالي في الإحياء آفات العجب فقال :... والمعجب يغتر بنفسه وبرأيه ويأمن مكر الله وعذابه، ويظن أنه عند الله بمكان، وأن له عند الله منة وحقا بأعماله التي هي نعمة وعطية من عطاياه، ويخرجه العجب إلى أن يثني على نفسه ويحمدها ويزكيها، وإن أعجب برأيه وعمله وعقله منع ذلك من الاستفادة ومن الاستشارة والسؤال فيستبد بنفسه ورأيه ويستنكف من سؤال من هو أعلم منه ...اهـ.
ولا شك أن هذا الظن ضمن ذلك السياق من الآفات الخطيرة التي يجب الحذر منها، ولا تعارض بين هذا وبين كون المسلم يحسن الظن بالله تعالى، وأن يتفاءل لنفسه الخير دائما، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه عن أبي هريرة.
وفي رواية: فليظن بي ما شاء.
وفي رواية لأحمد: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله.
ومعنى حسن ظن العبد بربه: هو كما قال الإمام النووي في شرح مسلم: معنى حسن الظن بالله تعالى: أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه. اهـ.
وهذا يدعو العبد للاجتهاد في العمل الصالح؛ كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل.
وعليه؛ فان قولك: إن كنت أثق في أمر ما أن الله سوف ينصرني ويؤيدني بنصر من عنده وفرج. لا يعد من الظن المذموم ولا سيما إذا كنت أخذت بأسباب النصر واستجابة الدعاء، لأن من يرجو الله تعالى ينبغي له أن يحسن الظن بالله وأن يكون موقنا بإجابته إذا دعاه، عملا بحديث الحاكم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
والله أعلم.