السؤال
هل إذا أردت أن أصوم صيام داود بين يوم وآخر يجب أن ألتزم به طول حياتي، وإذا صمت يوما وآخر ثم تركته لا أكون من الذين صاموا صيام داوود لأن داوود عليه السلام وما ورد عن الصحابي -لا أذكر اسمه - عندما قال له النبي أن يصوم صيام داوود قام بذلك طول حياته. وعليه الذي يريد صيام داوود يجب أن يقوم بذلك طوال حياته ولايشرع صيام داوود فترة من الزمن كأسبوع مثلا أو شهر وقيل لي إن ذلك ذكره الشاطبي؟ والله أعلم
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الأفضل والأولى هو المداومة على صيام داوود على نبينا وعليه الصلاة والسلام لمن استطاع ذلك، لأنه أحب صيام التطوع إلى الله تعالى، ولقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل . لكن لا تجب المداومة على ذلك إذا لم يلتزمه بالنذر، ويشترط لفضل هذا الصيام أن لا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من القيام بحقوق الله تعالى وحقوق عباده اللازمة، فإن ضعف عن شيء من ذلك قدم الواجب على غيره.
ففي المبدع شرح المقنع لابن مفلح الحنبلي: وأفضله صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما لأمره عليه السلام عبد الله بن عمرو، قال: هو أفضل الصيام قال فإني أطيق أفضل من ذلك فقال لا أفضل من ذلك. متفق عليه. وشرطه أن لا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من القيام بحقوق الله تعالى وحقوق عباده اللازمة، فإن أضعف عن شيء من ذلك كان تركه أفضل. ولهذا أشار الصادق في حق داوود عليهما السلام: ولا يفر إذا لاقى. فمن حق النفس اللطف بها حتى توصل صاحبها إلى المنزل .انتهى.
ثم إنه لا يشترط لحصول ثواب الصيام أن يقوم به الإنسان طيلة عمره، بل ما فعله يثاب عليه إن كان متصفا بشروط قبول العمل الصالح، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم :58678، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم :58114 ، والذي اطلعنا عليه للشاطبي في هذا المعنى هوأنه يكره للمسلم أن يلتزم نافلة يعلم أنه يعجز عن المدامة عليها.
فقد قال في الاعتصام : إذا ثبت هذا فالدخول في عمل على نية الالتزام له إن كان في المعتاد بحيث إذا داوم عليه أورث مللا ينبغي أن يعتقد أن هذا الالتزام مكروه ابتداء، إذ هو مؤد إلى أمور جميعها منهي عنه .أحدها : أن الله ورسوله أهدى في هذا الدين التسهيل والتيسير وهذا الملتزم يشبه من لم يقبل هديته وذلك يضاهي ردها على مهديها وهو غير لائق بالمملوك مع سيده فكيف يليق بالعبد مع ربه ؟ والثاني : خوف التقصير أو العجز عن القيام بما هو أولى وآكد في الشرع، وقال صلى الله عليه وسلم إخبارا عن داود عليه السلام: إنه كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى. تنبيها على أنه لم يضعفه الصيام عن لقاء لعدو فيفر ويترك الجهاد في مواطن نكيده بسبب ضعفه .انتهى.
والله أعلم.