السؤال
أنا امرأة مطلقة متوفى وليها، وتزوجت بزميلي في العمل في بلد حربي حاكمه كافر (بلد أوروبي) حيث عقد العقد علي بطلبه الزواج مني وقبولى الزواج منه، وأشهدنا على ذلك الزواج شهود عبر الهاتف. حيث اتصل بأخيه يوم الزواج وأشهده ثم بابن عمه وأشهده على الزواج، وقد استشرنا في ذلك شيخا فأشار علينا بذلك وقال إن ذلك على مذهب مالك .
الآن رجع كل منا إلى بلده ولم نعد نتقابل ولم تعد هناك علاقة زوجية، والآن أنا غير قابلة لهذا الوضع. فهل هذا زواج صحيح أم أنه عقد باطل وفاسد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج المرأة بدون ولي باطل عند جمهور العلماء – بكرا كانت أم ثيبا- خلافا للحنفية، وانظري الفتوى رقم 111441، وما أحالت عليه.
وولي المرأة هو أبوها فإن لم يكن فجدها، ثم ابنها ، ثم أخوها الشقيق ، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، وانظري في ذلك الفتويين : 63279، 22277.فإذا لم يكن للمرأة ولي صالح للولاية فالذي يتولى زواجها هو القاضي المسلم، فإن تعذر وجود القاضي المسلم، فيتولى زواجها رجل يوثق بعدالته من المسلمين، كما بيناه في الفتوى رقم :10748.
كما أن الجمهور على اشتراط الشهادة في عقد النكاح، وقد اختلف العلماء المعاصرون في صحة العقد بشهادة الشهود عبر الهاتف ، وراجعي الفتوى رقم : 96558. والذي خالف فيه المالكية الجمهور فيما يتعلق بالإشهاد في النكاح هو أنهم يجيزون إجراء العقد بلا إشهاد، على أن يتم الإشهاد قبل الدخول.
وقد علمت مما ذكر أن في زواجك هذا تفصيلا وخلافا بين أهل العلم. فالذي ننصحك به هو أن تعرضي مسألتك على المحكمة الشرعية للفصل فيها، أو على أهل العلم الموثوقين في بلدك. مع التنبيه على أنه لا يجوز لمن اعتقد صحة النكاح أن يرجع ويبني على بطلانه حكما يوافق رغبته فإن ذلك غير جائز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) : وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقا، ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح، بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة. وإذا فرع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه، فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما، وهذا الزوج كان يستحل وطأها قبل الطلاق، ولو ماتت لورثها، فهو عامل على صحة النكاح، فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده؟ فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده. وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء، كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين. وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث، لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفي وقت يقلدون من يصححه؛ بحسب الغرض والهوى، ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة. الفتاوى الكبرى لابن تيمية.
والله أعلم.