السؤال
يقول البعض إن القياس لا يجوز لأن أول من قاس إبليس !! ويقولون إن القتل أكبر من الزنا , ومع هذا فقد جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة , وإن البول أنجس من المني , ومع هذا جعل الله في البول وضوءا وفي المني غسلا , وأن الصلاة أعظم من الصيام , ومع هذا فقد وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة .. وغير ذلك .. فما هو الرد المناسب عليهم ؟؟!
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القياس هو أحد الأدلة الشرعية المعتبرة، وعلى هذا جماهير أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية والمعتزلة.
وهناك ما لا يحصى من الأدلة الشرعية والعقلية على الاحتجاج بالقياس، وليس هذا هو مقام بسطها، ومن أراد ذلك فليرجع إلى كتب الأصول، ولكن لا بد أن نعلم أن الذين احتجوا بالقياس قد ذكروا له شروطا وضوابط وطرقا، وهي مبسوطة في مظانها من كتب الأصول، وإذا اختل شيء من ذلك فإن القياس يصير فاسدا وباطلا، وهذا هو الذي حصل من الشيطان حين وقع في القياس الفاسد لا الصحيح، والمعتبر هو القياس الصحيح المنضبط بضوابطه، أما ما ذكره السائل من شبه، فلا بد أن نعلم أن من الشرع ما ليس معللا، وهو من العبادات المحضة التي علينا أن نسلم بها دون السؤال عن العلة، قال تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) [الأنبياء:23] ومع ذلك فإن ما ذكره السائل يجري على وفق القياس:
-الشهود في القتل اثنان، وفي الزنى أربعة لأن حق الدماء أعظم، فإذا جعل الله الشهود في القتل أربعة صار من النادر استيفاء الحقوق في الدماء، ولما كان الزنا ليس فيه حق مترتب للمخلوق، وإنما هو حق الله جعل الله الشهود أربعة، لأن حق الله مبني على العفو، وحق الخلق مبني على المشاحة.
-وشرع الله الغسل في المني دون البول مع أن البول أنجس، لما يحصل للجسم من تغيرات فيسولوجية بعد عملية الإنزال.
-وشرع الله للحائض قضاء الصيام دون الصلاة لأن الصيام سهل وقليل، بخلاف الصلاة فهي خمس في اليوم، فالنفساء -مثلا- إذا ألزمناها بقضاء الصلاة فإنها ستقضي مئتي صلاة، وهذا فيه حرج ومشقة، والله تعالى يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج[الحج: من الآية78]
والله أعلم.