الشيطان قد يوهم الإنسان بخروج الريح منه ليفسد عليه صلاته

0 341

السؤال

أضع بين أيديكم مشكلتي سائلة الله أن يوفقكم للإجابة عليها و أن يجزيكم عني خير الجزاء.
بدأت مشكلتي منذ أشهر، مشكلتي تكمن في أنني لا أستطيع في غالب الأحيان أن أمسك وضوئي أثناء الصلاة، أشعر بخروج ريح خفيفة لا تكاد تذكر و خارجة عن إرادتي -أكرمكم الله - بعد مدة ذهبت للمشفى و اكتشفت أنني مصابة بالقولون، مما يعني أنني أصاب بانتفاخ في البطن و تجمع غازات فيه، و بدأت بالعلاج و لله الحمد .
قبل اكتشافي للمرض و بعد اكتشافي و انضباطي بالعلاج، لم يكن يهمني آلام المرض ولا تبعاته، كل همي و ألمي و كربتي هي صلاتي، والله إنه لا يكاد يوم يمر علي إلا بالبكاء و ضيق صدر و حالة لا يعلمها إلا الله !
لأنني إنسانة و لله الحمد و المنة محافظة على صلاتي و بخشوع، و كنت أتلذذ بالصلاة و أطول فيها بل و إنني أجد حياتي كلها رهن هذه الصلاة و يحق للمؤمن أن يكون كذلك، حتى قيام الليل ، كنت أطيل الصلاة و الدعاء و عباداتي كلها كذلك .
بعد ما أصابني ما أصابني ، أصبحت الصلاة ثقيلة علي، لأنني بلا مبالغة قد أتوضأ للصلاة الواحدة سبع أو ثمان مرات تقريبا و يستغرق مني ذلك ساعة كلها إعادة وضوء و صلاة، أصبحت حياتي جحيما لا يطاق، في كل مرة أشتاق للصلاة و أقوم إليها بتوكل على الله و أقوم متفائلة بأن أكون كعهدي بنفسي، إلا انه يتكرر الوضع نفسه .
أصبحت و أنا أصلي كل همي أن تنتهي الصلاة بلا انقطاع الوضوء، أصبحت لا أقرأ إلا الفاتحة و أصبحت لا أدعو في السجود و و و الخ ..
حتى إنه في بعض منها أبدأ بالوضوء للصلاة مع الأذان ومع تكرار الوضوء و الصلاة قد أسلم مع أذان الصلاة التالية !
فقدت لذتي في الصلاة بل و حياتي كلها !
قرأت كثيرا في فتاوى عدة ، أنه في حالات كحالتي يجوز أن أتوضأ بعد دخول وقت الصلاة و ينتهي وضوئي بنهاية الوقت و هكذا،
لكنني خفت من تطبيق هذا الحكم لأن بعض الصلوات أستطيع أن أصليها بلا تكرار وضوء ( قد أتوضأ مرة أو مرتين على الأكثر ) لكن غالبها أكرر الوضوء، أي قد أصلي الفجر و العصر بوضوء واحد لكل منها و لكن الظهر و المغرب و العشاء قد تصل لعشر مرات، و لأنه أحيانا أصلي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاعلمي أيتها السائلة أولا أن ما تعانينه إما أن يكون ناتجا عن الاسترسال مع الوسوسة بحيث يخيل لك الشيطان أن وضوءك انتقض, وإما أن يكون ناتجا عن قلة الفقه في الدين بحيث تعيدين الصلاة والوضوء بزعم طلب الاحتياط، وهو في الحقيقة ليس فيه احتياط. والوسوسة وقلة الفقه كلاهما مدخل من مداخل الشيطان التي يلج بها إلى العبد ليفسد عليه دينه ويحمله على استثقال العبادت ومن ثم تركها بالكلية. فاتقي الله تعالى, وما تشعرين به من خروج الريح إن لم يصل إلى درجة اليقين فإن الصلاة لا تبطل به وربما كان من تلاعب الشيطان بك. فقد روى البزار من حديث ابن عباس مرفوعا: يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث، فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. وعند أحمد من حديث أبي سعيد مرفوعا: إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته فيأخذ شعرة من دبره فيمدها فيرى أنه قد أحدث فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. اهـ . وإن تيقنت من خروجها وكان خروجها مستمرا  بحيث لا تجدين وقتا تصلين فيه بطهارة صحيحة، أو كان انقطاعها غير معلوم بأن كان زمنه يتقدم ويتأخر ويحصل تارة ولا يحصل أخرى. فحكمك حينئذ حكم صاحب السلس تتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلين ولا يضرك ما خرج منك ولا يلزمك إعادة الصلاة, وانظري الفتوى رقم : 151647 ، عن علاج من يتوهم أنه خرج منه ريح , والفتوى رقم : 8777 ، عن وضوء وصلاة صاحب سلس الريح، وكذا الفتوى رقم : 125091 .

ومما ذكر تعلمين أن خوفك من تطبيق حكم السلس على نفسك بسبب أن بعض الصلوات تستطيعين أن تصليها بلا تكرار وضوء، هو خوف في غير محله. اللهم إلا أن تعلمي أن صلاة معينة كالفجر أو العصر أو هما معا لا يوجد فيهما سلس. فإنك حينئذ تأخذين بحكم السلس في الأوقات التي يوجد فيها سلس، وتتركينه في الأوقات التي علمت أنه لا يوجد فيها ، ونسأل الله تعالى أن يشفيك مما أصابك .

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة