السؤال
ما حكم الإسلام في استعمال وسائل منع الحمل؟ بغرض توزيع الدخل على عدد أقل من الأولاد حتى يزيد نصيب كل منهم من النفقة والرعاية و كذلك بسبب صغر مساحة السكن وما هي الوسيلة المثلى لمنع الحمل وما هي ضوابط استعمالها؟
ما حكم الإسلام في استعمال وسائل منع الحمل؟ بغرض توزيع الدخل على عدد أقل من الأولاد حتى يزيد نصيب كل منهم من النفقة والرعاية و كذلك بسبب صغر مساحة السكن وما هي الوسيلة المثلى لمنع الحمل وما هي ضوابط استعمالها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج بالمرأة الولود فقال: "تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" رواه أحمد وصححه ابن حبان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. والحديث واضح في أن المسلم ينبغي له أن يحرص على أن يكثر النسل وذلك تحقيقا لعزة الأمة، فإن الأمة تعتز بكثرة أبنائها، وقديما قالوا: إنما العزة للكاثر . وقد دخل الأحنف بن قيس على معاوية -ويزيد بين يديه- وهو ينظر إليه إعجابا، فقال: يا أبا بحر، ما تقول في الولد؟ فعلم ما أراد! فقال: يا أمير المؤمنين، هم عماد ظهورنا، وثمر قلوبنا، وقرة أعيننا، بهم نصول على أعدائنا، وهم الخلف منا لمن بعدنا، فكن لهم أرضا ذليلة، وسماء ظليلة، إن سألوك فأعطهم، وإن استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك "أي عطاءك" فيملوا قربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطئوا وفاتك. فقال: لله درك يا أبا بحر هم كما وصفت!
وليعلم السائل الكريم أن كل مولود قد تكفل الله برزقه من قبل أن يولد، قال تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد...... الحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وليس كل من ضيق السكن أو قلة الراتب مسوغا لمنع الإنجاب، وما يدريك فلعلك بصدق نيتك وببركة توكلك على الله تعالى يبدل الله حالك.
أما بالنسبة لموانع الحمل فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم يمنع الحمل نهائيا ويقطع النسل، وهذا لا يجوز استعماله ولا اللجوء إليه إلا في حالة ما إذا كان الإنجاب يعرض حياة الأم للخطر الداهم بإخبار طبيب عارف ثقة. أما ما لا يمنع الحمل نهائيا وإنما يمنعه موقتا فإنه يجوز استعماله إذا دعت إليه ضرورة أو حاجة، كمرض الزوجة أو ضعفها عن تتابع الحمل أو نحو ذلك من المصالح المعتبرة شرعا، فقد صح أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعزلون، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ذلك. والعزل نوع من موانع الحمل، وأما بالنسبة للوسيلة المثلى لمنع الحمل فهي تختلف من امرأة إلى أخرى، والمرجع في ذلك هو الطبيب العارف.
والله أعلم.