عبارة منسوبة للإمام الشافعي؛ مدى ثبوتها ومعناها

0 411

السؤال

رأيت عددا ممن ينقل مقولة ينسبونها للشافعي وهي: أجمع العلماء أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه ـ فهل هي صحيحه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم نر هذه المقالة في شيء من كتب الشافعي ـ رحمه الله ـ ولا نسبها إليه بحسب اطلاعنا أحد ممن يعتد به من أهل العلم، ثم إن هذه العبارة لا تصح على إطلاقها، بل لا بد من تقييدها بما هو معلوم من أدلة الشرع، فإنما يعذر في مسائل الخلاف من كان من أهل الاجتهاد فبذل وسعه في تحري الحق، فهذا معذور وإن كان ما أداه إليه اجتهاده خلاف الصواب في نفس الأمر، وكذا يعذر من قلد عالما يوثق بعلمه وورعه ممن ليس من أهل الاجتهاد، وأما من تبين له الحق فعمل بخلافه بحجة أن المسألة مختلف فيها، أو كان متبعا للهوى يأخذ ويدع على وفق الهوى دون التفات لنصوص الشرع فليس هذا معذورا، وقد وردت نصوص كثيرة فيها وعيد على أمور اختلف فيها العلماء بعد, إما لعدم بلوغ النصوص لبعضهم أو لتأولهم إياها على وجه هم به معذورون، وأما من علم بالنص وخالفه من غير تأويل أو تقليد سائغ فإنه مستحق لهذا الوعيد، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: وقد قررنا فيما مضى, أن الذم لا يلحق المجتهد, حتى إنا نقول: إن محلل الحرام أعظم إثما من فاعله, ومع هذا فالمعذور معذور، فإن قيل: فمن المعاقب؟ فإن فاعل هذا الحرام إما مجتهد أو مقلد له وكلاهما خارج عن العقوبة، قلنا: الجواب من وجوه: إلى أن قال رحمه الله: الرابع: أن هذا العذر لا يكون عذرا إلا مع العجز عن إزالته, وإلا فمتى أمكن الإنسان معرفة الحق, فقصر فيها لم يكن معذورا.

الخامس: أنه قد يكون في الناس من يفعله غير مجتهد اجتهادا يبيحه، ولا مقلدا تقليدا يبيحه, فهذا الضرب قد قام فيه سبب الوعيد من غير هذا المانع الخاص, فيتعرض للوعيد ويلحقه، إلا أن يقوم فيه مانع آخر: من توبة أو حسنات ماحية أو غير ذلك، ثم هذا مضطرب، قد يحسب الإنسان أن اجتهاده أو تقليده مبيح له أن يفعل ويكون مصيبا في ذلك تارة ومخطئا أخرى لكن متى تحرى الحق, ولم يصده عنه اتباع الهوى, فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. انتهى.

وهذا باب واسع جدا، والمقصود بيان أن إطلاق هذه العبارة لا يصح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى