يحرم الرجوع في الهبة بعد قبضها

0 206

السؤال

وقعت بيننا وبين أحد الأقارب -هداه الله وهدانا- مشكلة حول ممر (لا يتعدى 1م) أعطيناه له على سبيل التسامح من أرضنا التي يشهد الجميع أنها لنا، ولكنه استعمله في ما لا يرضي الله من سب وشتم ومحاولة الاعتداء على حرمة منزلنا (حاول ضرب والدتي و أختي لأن الممر يمر أمام باب المنزل)، فنزعه والدي منه بحجة الأذى الذي يسببه لنا هذا الممر، فذهب إلى المحكمة التي حكمت له بفتح الممر بعد أن أخذ شهودا شهدوا زورا وكتموا الجزء المهم من الشهادة، إذ لم يقولوا بأن الأرض لنا، خاصة وأن أحد الشهود من أكثر الناس عداء لنا وهو أحد مستعملي هذا الممر، وقد أعطاه المدعي مبلغا من المال ليشهد ضدنا، والأدهى من ذلك لجوء هذا المدعي إلى تقديم رشوة للمحامي الذي أوكلناه أمر الدفاع عنا، فلم يحرك ساكنا أمام طلب أبي برفض الشهود ولم يدخله أمامهم أثناء تقديم شهادتهم، وعندما طلبنا العون من آخرين طلبوا منا مبلغا من المال لرد حقوقنا. فهل يعتبر المال الذي نقدمه رشوة وما حكمه؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالقضية إذا كانت منظورة أمام المحكمة فالقول الفصل عندها، ولكن نقول : ما دمتم قد أعطيتم قريبكم الممر هبة منكم وحازه فليس لكم الرجوع عنه لقوله صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه. متفق عليه من حديث ابن عباس. وبهذا الحديث استدل جمهور العلماء على حرمة العود في الهبة.

ومن حقكم منعه من الإضرار بكم ودفع الأذى عنكم، لكن ليس لكم مصادرة الممر الذي وهبتموه إياه منه أو بذل رشوة من أجل الحصول على حكم بذلك، لأن الرشوة هي ما يبذل لأجل إبطال الحق أوإحقاق الباطل .

ولا ينبغي أن يكون بين الأقارب ما ذكرت من الشحناء والخصام، بل يدفع بعضهم بالتي هي أحسن لجلب المودة قال تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. {فصلت:34}، والجارإن كان قريبا مسلما وله رحم فله ثلاثة حقوق حق الإسلام وحق الجوار وحق القرابة: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا {النساء:36}،

فأصلحوا ما بينكم بالحسنى، وادفعوا أذية قريبكم بالصفح والتغاضي، ومجازاتها بالحسنة، ولكم في ذلك الأجر والمثوبة، وسيتبدل حاله بإذن الله إلى مودة وقربى،  واستحضروا أنكم إنما تفعلون ذلك تقربا إلى الله وليس عجزا عن دفع الظلم ومجازاة السوء بمثله قال تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. {الشورى:40}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة