القتل المشروع والقتل الممنوع

0 412

السؤال

بعد الأحداث الأخيرة في مصر بدأ البعض يقولون عن وجود آيات في القرآن الكريم أو حديث في فضل قتل المسيحي أو غير المسلم وإن لم يرتكب جريمة يعاقب عليها بالقتل، فهل هذا حقيقي؟ وإن لم يكن حقيقيا ـ وأظن ذلك استنادا إلى الآية الكريمة: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ـ فهل من آيات تثبت العكس؟ أي تنهى عن قتل أي شخص غير مسلم في غير الحروب؟ وما هي الشروط التي تبيح ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكفار عموما ليسوا نوعا واحدا، فمنهم المحارب، ومنهم المسالم، كالمعاهد والذمي، ولا يصح لا شرعا ولا عقلا أن نسوي بينهم في الحكم والمعاملة، ويكفينا في هذا قول الله تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون { الممتحنة: 8ـ9}.

وقول سبحانه: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا * إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا { النساء: 89ـ 91}.

وراجع الفتوى رقم: 20632.

والإسلام دين يقوم على إعطاء كل ذي حق حقه، ومن جملة هذه الحقوق: حقوق غير المسلمين، إذا كانوا ذميين أو مستأمنين، فقد حفظها الإسلام لأهلها حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة. رواه أبو داود، وصححه الألباني.

وحتى الكفار الحربيون، لم يطلق الإسلام العنان في قتلهم دون ضابط، بل حظر قتل غير المقاتلة، كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن، وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى: والفتنة أكبر من القتل {البقرة: 217}.

أي القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56284.

وقتل النفس البشرية إنما أبيحت في الإسلام لظروف وأسباب معينة يغلب فيها مصلحة قتلهم على مفسدتها، وهذا هو القتل بحق، وهو يتناول أنواعا من المسلمين ولا يقتصر على غير المسلمين، جاء في الموسوعة الفقهية: القتل المشروع هو ما كان مأذونا فيه من الشارع، وهو القتل بحق، كقتل الحربي والمرتد والزاني المحصن وقاطع الطريق، والقتل قصاصا، ومن شهر على المسلمين سيفا، كالباغي، وهذا الإذن من الشارع للإمام لا للأفراد، لأنه من الأمور المنوطة بالإمام، لتصان محارم الله عن الانتهاك، وتحفظ حقوق العباد، ويحفظ الدين. اهـ.

وقد سبق لنا تلخيص هدي الشرع في معاملة غير المسلمين في الفتوى رقم: 19652.

وراجع في حكم قتل الكافر الذمي الفتوى رقم: 67113.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة