السؤال
والدتي توفيت من ثلاثة أشهر، وبعض من صديقاتي ومعارفي أرادوا أن يأتوا جميعا لتعزيتي في يوم كان فيه زوجي يستعد للسفر فاعتذرت منهن، واقترحت أن يأتينني في يوم آخر يخترنه بأنفسهن. إلا أنهن لم يأتين أبدا إلى يومنا هذا. طبعا أحزنني هذا الأمر كثيرا لأن الصديق وقت الضيق. رأيت إحداهن من بعيد فتصرفت وكأنني لم أرها. وبصراحة ليس لي نية أن أتحدث معهن بعد الذي حدث. الآن أشعر أن هذا قد يكون غلطا مني فإلقاء التحية من آداب الإسلام إلا أنني في نفس الوقت ليس لي الرغبة في الحديث معهن و لا حتى النظر إليهن. أنا إنسانة مؤمنة بالله وبالقدر إلا أن تصرف من ظننتهن صديقات أحزنني وأجبرني على أن أبتعد عنهن وأن لا أعتبرهن صديقات. بماذا تنصحونني؟ هل تصرفي صحيح وطبيعي أم هل لا يجوز لي هذا في ديننا؟ هل أفشي السلام وأمشي بدون التحدث معهن أو أنني مجبرة على الكلام بالرغم من أنني لا أحب النفاق. دلوني دلكم الله وجزاكم كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الله عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. صحيح مسلم.
فلا يجوز لك هجر صديقاتك والإعراض عنهن للسبب الذي ذكرت، وعلى فرض أنه قد حصل منهن تقصير في حقك فلا يجوز لك هجرهن أكثر من ثلاثة أيام ، بل الأولى ترك المهاجرة كلية، فإن العفو عن المقصر من أفضل الأعمال التي يحبها الله، وراجعي الفتوى رقم : 111346.
مع التنبيه على أن الجمهور لا يشترطون لزوال التهاجر الرجوع إلى الحال الأول قبل التهاجر ، وإنما يزول التهاجر بمجرد السلام. قال ابن حجر : قال أكثر العلماء تزول الهجرة بمجرد السلام ورده، وقال أحمد لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام وكذا قال بن القاسم. فتح الباري .
فإن لم يكن عليك ضرر في دينك أو دنياك فالواجب عليك قطع مهاجرة صديقاتك بالسلام عليهن، و الأولى ألا تقتصري على السلام وإنما تحسني صحبتهن ولو مجاملة وتكلفا وليس ذلك من النفاق بل هو من حسن الخلق، و راجعي في ذلك الفتويين : 75660، 26817.
والله أعلم.