السؤال
حكم عقد شركة مع رجل له أموال الغالب عليها الحرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأفضل للمسلم أن يختار لنفسه شريكا مسلما عدلا أمينا، لتكون تجارتهما مباركة ورابحة بعون الله وتوفيقه، فقد روى أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما".
قال الشوكاني: المراد أن الله جل جلاله يضع البركة للشريكين في مالهما مع عدم الخيانة، ويمدهما بالرعاية والمعونة، ويتولى الحفظ لمالهما. ا.هـ
فإذا خان أحدهما صاحبه نزعت البركة، والكافر والفاسق لا تؤمن خيانتهما وبغيهما خصوصا في الجوانب المالية، ولذلك قال الله تعالى: (وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) [ص:24].
ولذا كره الفقهاء مشاركة الكافر ومن لا يتحاشى التعامل بالحرام من المسلمين. قال الشيخ زكريا الأنصاري في (شرح البهجة): ولكن تكره الشركة مع الكافر، ومن لا يحترز من الربا ونحوه. قال الأذرعي: هذا إذا شارك لنفسه، فإن شارك لمحجور عليه - كصبي ومجنون - فلابد أن يكون الشريك عدلا يجوز إيداع مال المحجور عنده. ا.هـ
وقال البهوتي في (كشاف القناع): وتكره معاملة من في ماله حلال وحرام يجهل، وكذا إجابة دعوته وأكل هديته وصدقته ونحوها.
وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه." الحديث.
وتكره مشاركة مجوسي ووثني ومن في معناه ممن يعبد غير الله تعالى، وظاهره ولو كان المسلم يلي التصرف. قال أحمد في المجوسي: ما أحب مخالطته ومعاملته، لأنه يستحل ما لا يستحل هذا.
والله أعلم.