السؤال
أحدهم(قبحه الله ) داعب ابنة أخية حتى حملت منه ثم قام بإجاهضها خوفا من الفضيحة!! ماذا نفعل حياله؟
أحدهم(قبحه الله ) داعب ابنة أخية حتى حملت منه ثم قام بإجاهضها خوفا من الفضيحة!! ماذا نفعل حياله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الزنا كبيرة من الكبائر توعد الله فاعلها بالعقوبة الشديدة، فقال سبحانه:ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا [الإسراء:32] وقال سبحانه:والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا*إلا من تاب وآمن [الفرقان:68-70].
فهذا عن مجرد الزنا بالمرأة الأجنبية. أما إذ كانت حليلة جارك، فإن الزنا بها من أعظم الذنوب بعد الكفر بالله وقتل الولد خشية الإطعام، لما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال أن تجعل له ندا وهو خلقك، قلت، ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك. فكان الزنا بحليلة الجار أشد قبحا وجرما من غيره لأن الجار يتوقع من جاره الذود عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويركن إليه، فكان الاعتداء على عرضه خيانة منكرة وجرما عظيما، فما بالك بمن زنا بإحدى محارمه -كالحالة المذكورة في السؤال- فذلك أشد نكرا وفظاعة وإثما، وإن المرء السوي ليصاب بالغم والهم الشديد عندما يسمع مثل ذلك، إذ كيف طابت نفس هذا الرجل بأن يقع على ابنة أخيه التي هي بمنزلة ابنته، ثم لم يكتف بجريمته الشنعاء حتى أضاف إليها جريمة أخرى وهي إجهاض ذلك الجنين من أجل التغطية على جريمته النكراء، والإجهاض قتل للنفس ولا يجوز بحال من الأحوال مهما كانت الدوافع النفسية والاجتماعية؛ إلا إذا كانت حياة الأم في خطر داهم إن لم يتم الإجهاض. وتشتد حرمة الإجهاض إن تم بعد نفخ الروح لأنه من الاعتداء على نفس مخلقة ظلما وعدوانا.
هذا، وقد جعل الشارع الحكيم عقوبة رادعة لمن وقع على إحدى محارمه، فقد أخرج أحمد والحاكم وابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه. لكن مثل هذا الحكم لا يوقعه إلا السلطان، فإذا كان الأمر قد خرج عن الدائرة الضيقة وانتشر بين الناس فعليكم أن ترفعوا الأمر إلى القضاء الشرعي ليعاقبه بما يستحقه وفق ما يثبت عليه شرعا، ومثله ابنة أخيه إن كانت طاوعته، أما إن كانت غير مختارة فلا إثم عليها ولا عقوبة تلحقها، وإن كان الأمر مازال محصورا فيكم فننصحكم بالستر عليهما وبيان عظم المنكرين والجريمتين اللتين وقعا فيهما، مع حثه على التوبة والاستغفار، وحثه هو على مفارقة المكان الذي تسكنه من وقع عليها إلى بيئة صالحة يستأنف بها علاقته بالله. ويلزمه كذلك كفارة قتل الجنين وديته إن كان الإجهاض حصل بعد التخلق وهو بعد الأربعين يوما، وإن كان قبلها فلا كفارة عليه إلا التوبة والاستغفار.
والمرأة إن كانت وافقته على الإجهاض فعليها ما عليه من التوبة والكفارة والدية لأنهما شريكان في الاعتداء على الجنين، كما هو مبين في الفتوى رقم:
13171.
والله أعلم.