السؤال
قام الوالد رحمة الله عليه في عام 1964 بشراء أسهم في مصرف الصحارى الليبي لنفسه، قام الوالد رحمة الله عليه في عام 1965 بشراء أسهم أخرى في مصرف الصحارى كهدية لأبناء شقيقه القصر سجلها باسمه، في عام 1974 قام بشراء أسهم في مصرف الوحدة لنفسه.
حتى عام 2002 كان الوالد يقوم باستلام أرباح الأسهم ثم يقوم بتسليم أبناء أخيه نصيبهم من الأرباح.
في عام 2008 قام أخي الذي لديه توكيل من الوالد ببيع جميع الأسهم واستلام ثمنها والأرباح المتراكمة منذ عام 2002 وتم إيداع المبلغ بالكامل في حساب الوالد.
توفى الوالد رحمة الله عليه في عام 2008 بعد استلام المبالغ المذكورة أعلاه التي هي الآن في حساب مصرفي تحت تصرف الورثة.
الأسئلة المطروحة بهذا الشأن هي عن وضع هذه الأموال من أسهم وأرباح من وجهة النظر الإسلامية الشرعية، الورثة يأملون بتقسيم هذه الأموال حيث إن بعضهم بحاجة إليها ولكن بنفس الوقت لا يريدون أن يمس الوالد أي سوء من وراء هذه الأموال أو بعضها إذا كانت غير مقبولة شرعا.
هناك بعض الفتاوى وصلتنا لكنها ليست من أهل الاختصاص، بعضها أفضى بأن كل هذه الأموال حلال، وكان هناك رأي آخر أشار بتقدير قيمة الأسهم بما يساويه ذهبا في وقت شرائها ثم تقدير قيمة هذا الذهب بسعر اليوم والابقاء على هذا المبلغ والتصدق بالباقي.
أبناء عم الوالد يطالبون بحصتهم، إذا كانت الفتوى تقضي بالتصرف ببعض هذه الأموال. فما هو الوضع بالنسبة لحصتهم، هل
يمكن التصرف بها حسب الفتوى أو هل يجب تسليمها لهم كاملة وترك هذا الموضوع لهم، كما ذكرت أعلاه فإن جل هذه الأسهم باسم الوالد وإن كان معروفا لنا أنه اشترى جزء معلوم منها لأبناء أخيه.
المصارف في ليبيا هل تعتبر مصارف مختلطة أم ربوية كاملة؟
وبارك الله لكم في مجهودكم معنا وجزاكم الله كل خير.
إذا أردت معلومات أخرى لم أذكرها هنا فالرجاء عدم التردد في طلب هذه المعلومات.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما رأس المال فلا إشكال فيه إن كان مباحا في الأصل، فيأخذ الورثة نصيبهم منه ويدفع لأبناء شقيق الميت ما وهبهم إياه أيضا. وأما الأرباح الناشئة عن ذلك المال فهي محل النظر، إن كانت الأسهم مشروعة فالأرباح مشروعة وتوزع مع رأس المال، فما كان يخص أبناء شقيق الميت دفع إليهم وما كان من ربح مال الميت قسم على الورثة أيضا، وأما إن كانت الأسهم المذكورة لبنوك ربوية (تجارية ) فأرباحها محرمة، وحينئذ يجب التخلص من تلك الأرباح كلها بدفعها إلى الفقراء والمساكين وصرفها في مصالح المسلمين، وليس للورثة أخذها ولا أبناء الأخ الشقيق إلا أن يكونوا فقراء فيجوز لهم الأخذ منها بقدر حاجتهم ولا يزيد عليها.
قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضا فقير. انتهى كلامه.
وأما مجرد موت المورث فلا يطيب المال الحرام للورثة على الراجح.
قال ابن رشد الجد المالكي: وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر…
وقال النووي في المجموع: من ورث مالا ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد… انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالا وولدا وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالا للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب: وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب تركه …وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين. انتهى .
وأما عن البنوك في بلدكم فلا يمكننا الحكم عليها كلها بحكم واحد لأن هذا يحتاج إلى الاطلاع على واقعها، ويوجه مثل هذا السؤال إلى العلماء بالبلد نفسه .
والله أعلم.