السؤال
قرأت لشخص يقول إن حكم الدخول بالمرأة قبل البلوغ حكم عفن ثم فسر آيات قرآنية وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم مع عائشة ـ رضي الله عنها ـ بما يتناسب مع كلامه وموقفه وقال عن البخاري وابن عبد البر وابن تيمية أنهم أخطأوا واضطربوا في هذا الأمر وقال إن فهم السلف للآية فيه عوار، فما حكم هذا الشخص؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل المنكر لحديث ثابت في الصحيحين لا مطعن فيه وهو كون النبي صلى الله عليه وسلم دخل بعائشة وهي بنت تسع سنين المتأول لكتاب الله على وجه لم يقل به أحد من العلماء المعتبرين الطاعن على حكم ثبت بإجماع من يعتد بهم في الوفاق والخلاف إلا من شذ قد أتى منكرا من القول وزورا ووقع في خطأ شنيع برده السنة الثابتة بمجرد الهوى والرأي الفاسد، وقد اجترأ جرأة عظيمة بوصفه حكما قال به أئمة الإسلام عبر العصور بمن فيهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوهم بإحسان بهذا الوصف المنكر، والذم له ألحق وهو به أليق، وقد حكى ابن حزم عن ابن شبرمة أنه يرى عدم جواز تزويج الصغيرة حتى تبلغ وتستأذن، ولكنه لم يرد قصة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة وإنما حملها على الخصوصية، وترده الآية وهي قوله: واللائي لم يحضن ، وآثار صحيحة عن الصحابة، قال الحافظ: قال المهلب: أجمعوا أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر ولو كانت لا يوطأ مثلها، إلا أن الطحاوي حكى عن ابن شبرمة منعه فيمن لا توطأ وحكى ابن حزم عن ابن شبرمة مطلقا أن الأب لا يزوج ابنته الصغيرة حتى تبلغ وتأذن، وزعم أن تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين كان من خصائصه، قال: لكن لا يمكن منها حتى تصلح للوطء، ثم إن مناط الدخول بالمرأة مبناه على احتمالها للوطء وصلاحيتها له، وهذا معنى معقول فيه مراعاة مصلحة المرأة والزوج، قال في المغني: وإمكان الوطء في الصغيرة معتبر بحالها واحتمالها لذلك، قاله القاضي، وذكر أنهن يختلفن، فقد تكون صغيرة السن تصلح، وكبيرة لا تصلح، وحده أحمد بتسع سنين، فقال في رواية أبي الحارث في الصغيرة يطلبها زوجها: فإن أتى عليها تسع سنين، دفعت إليه، ليس لهم أن يحبسوها بعد التسع، وذهب في ذلك إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة وهي ابنة تسع، قال القاضي: وهذا عندي ليس على طريق التحديد وإنما ذكره لأن الغالب أن ابنة تسع يتمكن من الاستمتاع بها، فمتى كانت لا تصلح للوطء، لم يجب على أهلها تسليمها إليه.
فقائل هذا الكلام عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما قال، ولا يجوز متابعته على ضلاله، ويجب التحذير منه ومن أمثاله ممن يجترؤون على الخوض في الدين بغير بينة ويتطاولون على أئمة الإسلام وليسوا هم من العلم في شيء.
والله أعلم.