السؤال
قال تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ـ وقال تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ـ السؤال: هل الآيتان تعني أن الله قبل أن يكلف ابن آدم بالامتحان والاختبار في الدنيا خيره وأن الله خير كل البشرية في تحملهم للأمانة فيثيبهم إن أطاعوه ويعاقبهم إن عصوه وأن هذا التخيير كان في الأزل ونحن لا نذكره؟ وهل الميثاق أخذه الله علينا في الأزل ونحن قد نسيناه ولا نذكره، لكنه قد وقع لنا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخذ الله الميثاق على بني آدم حين أخرجهم من ظهر أبيهم آدم أمثال الذر أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا فأقروا بذلك جميعا، وكون العباد ناسين لهذا الميثاق لا ينفي وقوعه إذا كان الخبر قد ثبت به، والحال أنه ثبت، ثم إن شاهد هذا الميثاق مركوز في الفطر فهي شاهدة به، ومع ذا فإن أرحم الراحمين لم يعذب عباده بمجرد هذا الميثاق، بل أقام عليهم الحجج وأرسل الرسل وأنزل الكتب وقطع المعاذير، لأنه لا أحد أحب إليه العذر منه سبحانه وبحمده، ولذا قال سبحانه: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا {الإسراء:15}.
وقد أوضحنا ما يتعلق بأمر الميثاق في فتاوى كثيرة، فانظر منها الفتاوى التالية أرقامها: 144609، 106739، 64324.
وأما قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة ... الآية ـ فليست في معنى آية الميثاق، فإن الإنسان الذي حمل الأمانة هو آدم ـ عليه السلام ـ قال محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله في أضواء البيان: وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ـ الظاهر أن المراد بالإنسان آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأن الضمير في قوله: إنه كان ظلوما جهولا، راجع للفظ الإنسان مجردا عن إرادة المذكور منه، الذي هو آدم. انتهى.
ولمزيد الفائدة حول تفسير الآية انظر الفتوى رقم: 134115.
والله أعلم.