السؤال
سؤالي بخصوص النقاب: لا أجد شكا أن المرأة كانت تغطى وجهها بعد نزول آية الحجاب، ومنه أن لاتنتقب المحرمة..أي أنها في الأصل كانت مرتدية له، ولكن بالرجوع لتفسير ابن كثير مثلا السبب فى الحجاب هو تمييز عن سمات نساء الجاهلية والإماء، أما الآن فقد من الله بنور الإسلام على الدنيا جميعا ولاتوجد إماء، كذلك الآية الخاصة بالسؤال من وراء حجاب فكانت للحفاظ على حرمة وخصوصية البيوت ولا أعتقد أن الله ما كان ليتركنا لاجتهادات بشر يصيبون ويخطئون في شىء كهذا إلا إذا كان هناك سعة. فمثلا الصلاة لم تترك لا في كتاب ولا سنة. فأرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر. الرجاء استخدام مفردات سهلة للتوضيح مثلا مروط مايقابلها باللغة المصرية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الله تعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [الأحزاب: 59]. لا يقتصر في بيان الحكمة من الحجاب على التمييز بين الحرائر والإماء، وإنما يدل في الوقت نفسه على التمييز بين المتبرجات والصينات العفيفات، فهو يدل على الأمرين جميعا.
قال الماوردي في (النكت والعيون): {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} فيه وجهان: أحدهما: ليعرفن من الإماء بالحرية. الثاني: يعرفن من المتبرجات بالصيانة. اهـ.
وقال السعدي في (تيسير الكريم الرحمن): ذكر حكمة ذلك، فقال: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} دل على وجود أذية إن لم يحتجبن، وذلك لأنهن إذا لم يحتجبن ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض فيؤذيهن، وربما استهين بهن وظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن. اهـ.
وعلة وجوب الحجاب كون المرأة أنثى بالغة، وأما التمييز بين الحرة والأمة فحكمة من الحكم وليس هو العلة، ولفرض الحجاب حكم متعددة، يمكن مراجعة بعضها في الفتوى رقم : 55578. وقد سبق لنا بيان تهافت الزعم بأن الحجاب لمجرد التمييز بين الحرة والأمة، في الفتوى رقم: 77247.
وأما قول الأخت السائلة: (الآية الخاصة بالسؤال من وراء حجاب كانت للحفاظ على حرمة وخصوصية البيوت) فهذا خلاف نص الآية حيث نصت على الحكمة في قوله تعالى: ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن [الأحزاب: 53]. ومعناه كما قال الطبري: أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل. اهـ.
وقال السعدي: ذكر حكمة ذلك بقوله: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} لأنه أبعد عن الريبة، وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه. اهـ.
وأخيرا، يحسن التنبيه على أن وجوب ستر المرأة وجهها محل خلاف معتبر بين أهل العلم، وقد سبق أن ذكرنا قوليهم في ذلك، والقول المفتى به عندنا وطرفا من أدلته، وذلك في الفتوى رقم: 5224.
وأما المروط فقال الخطابي في (معالم السنن): واحدها مرط، وهو كساء يؤتزر به. اهـ.
وجاء في (المعجم الوسيط) الذي أعده مجمع اللغة العربية بالقاهرة: (المرط) كساء من خز أو صوف أو كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة. اهـ. أي تشتمل به حتى تجلل جسدها.
والله أعلم.