السؤال
لو أن شخصا ما دعا الله بأن يميته على الكفر أو أن لا يقبل منه أي عمل، فهل يقبل الله مثل هذا الدعاء؟ وهل لذلك الشخص توبة؟ وهل تقبل توبته إن تاب؟ وكيف يتوب؟ مع العلم أن هذا الشخص مريض بالوسواس القهرى ويحب الإسلام ويكره الكفر ولكن كما تعلمون المريض بهذا المرض تراوده شكوك عديدة، أرجو أن تكون الإجابة محددة يا شيوخنا، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء على النفس فيما يتعلق بمصائب الدنيا غير جائز شرعا، فما بالك بالدعاء عليها بما هو من أعظم المصائب وهو الموت على الكفر ـ والعياذ بالله تعالى ـ وألا يتقبل منها، إلا أن هذا لا يعتبر ردة على الأصح إذا كان القصد الدعاء فقط وليس الرضا بالكفر، لكنه معصية، إن صدر من شخص باختياره، أما من كان مغلوبا بالوسواس فإنه معذور فيما يصدر منه غير راض به، ففي الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي في باب الردة عند قول المؤلف: لا بأماته الله كافرا على الأصح ـ يعني أن من دعا على شخص من المسلمين بأن قال: أماته الله على الكفر ـ فإنه لا يكون كافرا بذلك على أصح القولين، لأنه إنما أراد التغليظ عليه في الشتم, وإرادة الكفر لم تكن مقصودة له, وبعبارة: لا بأماته الله كافرا قاله لغيره, أو لنفسه، لأنه وإن قاله لنفسه ما مقصوده إلا الدعاء. انتهى.
فعلى السائل الكريم أن يتوقف عن مثل هذا الدعاء ويعرض عن تلك الوساوس وألا يلتفت إليها جملة وتفصيلا، ولينظر الفتويين رقم: 79113، ورقم: 60628، للفائدة فيما يتعلق بالوسواس القهري.
ثم إن التوبة تمحو ما قبلها، ولو كان كفرا صريحا والتائب من الذنب كمن لا ذنب له مهما كانت الذنوب، فقد قال الله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
وأما عن قبول مثل هذه الدعاء، فإن ظاهر الحديث يدل على أن الدعاء على النفس قد يوافق ساعة إجابة فيستجاب وقد ذكر بعض أهل العلم أن دعاء المرء على نفسه في حال غضبه وضجره من اللغو الذي لا اعتبار له ولا مؤاخذة به، وقد لا يستجاب لطفا منه سبحانه وتعالى ورحمة بعباده، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم :165073، وانظر الفتوى رقم :147161، لبيان ما ينبغي فعله لمواجهة الوساوس الكفرية.
والله أعلم.